دنيا ودين ومع مفهوم التنمية الشاملة ” الجزء الثامن “

بزوغ

دنيا ودين ومع مفهوم التنمية الشاملة ” الجزء الثامن ”
إعداد / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الثامن مع مفهوم التنمية الشامله، ولقد عمل الإسلام على وجود هدف أعلى لحياتنا لتحقيق التوحد في حياة المسلم، وإزالة التناقض منها، ووجود قناعة بضرورة التغيير، والتحرر من الشعور بالاستسلام، والقبول بالذات على مستوى الفرد، ومستوى الانتماء للأمة، والتخلص من مشاعر اليأس والإحباط، كما أنه من الضروري الشعور بالمسؤولية لأن بزوغ الشخصية لا يتم إلا بالشعور بالمسؤولية، وتأهيل النفس للعمل في فريق متماشيا مع روح العصر وتطوراته، فتجد مشاورة النبى الكريم صلى الله عليه وسلم للشباب فى غزوة أحد ونزوله على رأيهم على الرغم لمخالفته لرأى الشيوخ، وتربيتهم على تقدير ظروف الآخرين، وعدم معاملة الناس على أساس الماضى، وتقبل توبة الآخرين، كل ذلك يمثل أساسا إسلاميا لتفعيل وربط العلاقات الاجتماعية على أسس صحيحة، فإن أى تنمية لا تهتم بالفرد ومعتقده وثقافته وبيئته التي يحيا فيها ودراسة للواقع الذي نعيشه وتمكين ذوى الكفاءات وإعطاء دور أكبر للشباب في بناء مستقبلهم.
ليست بتنمية شاملة لبناء مجتمع قوى فالإسلام مكن أصحاب الكفاءات بسواعد الشباب وخبرات الشيوخ كي ترسم أحلام المستقبل، فقال تعالى فى سورة المائدة ” وتعاونوا على البر والتقوى” وتنشطر أهداف التنمية الشاملة إلى عدة أصناف لتغطى جوانب الحياة كافة، ومن أهم هذه الأهداف، الأهداف الاقتصادية، وتلعب التنمية الشاملة دوراً هاما فى المجال الاقتصادي فتعمل على تحقيق رفع المستوى الإنتاجي للأفراد وبالتالي تحقيق دخل فردي يحقق الحياة الكريمة للفرد، ورفع مستوى الأهمية النسبية التي تحظى بها القطاعات الرئيسية على مستوى الاقتصاد الوطني، وزيادة رقعة الاعتماد على الناتج والادخار المحلي كمصدر للاستثمار، وكذلك تحفيز الإنتاج المحلي وتنميته لتوظيف التكنولوجيا وتوليدها واستخدامها، وأيضا التخلص من الفقر ومعالجته من خلال رفع مستوى الإنتاج وبالتالي زيادة الثروة، وإن هناك الأهداف الاجتماعية، وتتمثل فى تحقيق حياة كريمة والعيش برفاهية للمواطنين من خلال رفع المستوى التعليمى والصحى.
وكذلك تركيز الاهتمام على جميع طبقات المجتمع بما فيها المتوسطة والكادحة، وأيضا التركيز على ضرورة تنمية الأيدى العاملة وتدريبها لرفع نسبة الخبراء والعلماء، وفتح الآفاق أمام المرأة للانخراط بالنشاط الاقتصادى وكافة مجالات الحياة، وتعزيز مفاهيم الثقافة الوطنية، وإن أيضا هناك الأهداف السياسية ويتمثل ذلك بخلق دولة قوية لها كيانها، ومنح أجهزتها الاستقلال النسبى فى صنع القرارات والسياسات واتخاذها في كافة ميادين الحياة، بالإضافة إلى الاعتماد على القوى بشقيّها الداخلية والخارجية لإنجاح ذلك، ومن مضامين التنمية الشاملة هو المضى قدما بمستوى الأداء الاقتصادى، ويتمثل ذلك برفع مستويات الإنتاج وحجم الإنتاج القومى، وتوفير الحاجات والأساسيات للأفراد وتلبيتها، والتخلص من البطالة بأنواعها وذلك بتوفير فرص العمل، والسعي لتحقيق الإصلاحات في أنظمة توزيع الدخل، وكذلك منح الشعوب الحقوق بالمشاركة في مسيرة التنمية، وسد الثغرات والفجوات التنموية بين الشعوب العربية وأقطارها.
وقد ظهر مفهوم التنمية في العصر الحديث، واهتمت به الدول الحديثة بشكل كبير، نظرا إلى الآثار الإيجابية التي تترتب عليها في جميع مجالات الحياة، وتأثيرها الحساس والمباشر في حياة أفراد المجتمع، لذلك وُضعت الخطط الاستراتيجية المدروسة في سبيل تحقيق أنواع التنمية المختلفة، فما هو مفهوم التنمية؟ فإن التنمية لغة هى الزيادة، والنماء، والكثرة، والوفرة، والمضاعفة، والتنمية اصطلاحا قد اختلفت مفاهيم التنمية اصطلاحا من شخص لآخر تبعا للمضمون الذى يركز عليه، لكن يمكن إجمال التعاريف للتنمية بأنها عبارة عن التغيير الإرادى الذى يحدث فى المجتمع سواء اجتماعيا، أم اقتصاديا، أم سياسيا، بحيث ينتقل من خلاله من الوضع الحالى الذى هو عليه إلى الوضع الذى ينبغى أن يكون عليه، بهدف تطوير وتحسين أحوال الناس من خلال استغلال حميع الموارد والطاقات المتاحة حتى تستغّل في مكانها الصحيح، ويعتمد هذا التغيير بشكل أساسى على مشاركة أفراد المجتمع نفسه، ويفرّق العلماء بين مفهوم النمو والتنمية.
فالتنمية ترتبط دائما بتغييرات جذرية في هيكل المؤسسة نفسها وليس فقط على النتيجة كما هو الحال في النمو، وإن من أشكال التنمية هى التنمية الثقافيّة الفكريّة وهى التي تعتمد على تحسين ثقافة الأفراد وزيادة الوعى لديهم، ويكون ذلك من خلال عدة طرق منها تعميم التعليم للجميع ومحاربة الأمية، والتنمية الاجتماعية تهدف إلى تحقيق الاستقرار الاجتماعي للأفراد وتشجيعهم على المشاركة بالمناسبات الاجتماعية، والأعمال الخيرية، ونشر الروح الجماعية المشتركة فيما بينهم، وأيضا التنمية السياسية وتهدف إلى زيادة قدرة الأفراد على المشاركة فى العملية السياسية، وصنع القرارات، والقدرة على الاختيار السليم، والتنمية الاقتصادية وهى تهدف إلى تشجيع الأفراد على العمل، والإنتاج، والإخلاص في العمل النابع من الضمير الداخلي للشخص، والحرص على المصلحة العامة، وإن من خصائص تنمية المجتمع، وهى أن تكون عملية شاملة لجميع جوانب المجتمع الاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية، والإدارية.
حيث تتعامل معه باعتباره نظاما كاملا ومتكاملا، وهى عملية مستمرة، فهي لا تقف عند حد معين من التغيير، كما أن عملية تطبيقها للحصول على النتائج المطلوبة تحتاج إلى وقت طويل لأن التغيير يحصل في البنية الأساسية للمجتمع، وأيضا هناك عملية مخططة، فلا يمكن البدء بأى شكل من أشكال التنمية إلا بعد تحديد الأهداف الرئيسية منها، ولا يمكن تحقيق هذه الأهداف إلا من خلال عملية تخطيط ذات أسلوب علمي منظم، وأيضا هى عملية استثمارية، حيث ترتكز على استثمار الموارد البشرية والمادية الموجودة بهدف تحقيق النتائج، وأيضا هى عملية إدارية يرتكز النجاح فيها على كفاءة الإدارة في الدولة، وبتعاون جميع المؤسسات فيها سواء كانت حكومية أم خاصة، وإن عملية التنمية تهدف إلى النهوض بأفراد المجتمع وتحقيق الرفاهية لهم، وأما عن مفهوم التنمية في الإسلام لطالما كان الإسلام سباقا دوما إلى كل الأفكار الجديدة التي من شأنها تطوير وتحسين الحياة بشكل عام، وإن مفهوم التنمية من المفاهيم الأساسية في الدين الإسلامى.
والتي عُرفت بأسماء مرادفة أخرى مثل التعمير، والحياة الطيبة، وكذلك العمارة، وإن مفهوم التنمية فى الإسلام يعني العمل بشرع الله في كل مجالات الحياة وذلك بهدف الوصول إلى حالة من الكفاية والكفاءة في المجتمع الإسلامى، ومن المعروف أن النظرة الإسلامية للتنمية والعمران هى نظرة شاملة لجميع نواحى الحياة المادية والروحية والخلقية، حيث ركز الإسلام على الإنسان كمحور للعملية التنموية لأنه الكائن الوحيد القادر على الإصلاح والتغيير والبناء وكذلك التطوير، وذلك بسبب الميزات التي خصه الله سبحانه وتعالى بها دون عن غيره من المخلوقات الأخرى من ضمنها العقل والتفكير، حيث إن الدين الإسلامى حارب المفاهيم السلبية التي تقف حائلا دون وقوع التنمية فى المجتمع كالكسل، والاتكالية، وعدم السعى والأخذ بالأسباب بالإضافة إلى التخلف والجهل وكذلك الفقر، وأما عن مفهوم التنمية فى الفكر الإسلامى الحديث فقد تحدث مالك بن نبي في كتابه “المسلم في عالم الاقتصاد” عن مفاتيح العملية التنموية وكذلك العمرانية وهي الوجود الإنساني والبشرى.

تنبيه هام، المنشور يعبر عن رأي الكاتب ويتحمل مسؤوليته، دون ادنى مسؤولية علي الجريدة

تنبيه

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

معلومة تهمك

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

%d مدونون معجبون بهذه: