دنيا ودين ومع الإستعداد لشهر رمضان ” الجزء العاشر “

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء العاشر مع الإستعداد لشهر رمضان، ، وقد توقفنا مع إن الصيام خير مدرسة للمسلم على تربيته للتكيف الاجتماعى، لما يقتضيه من أداء الواجبات الحسنة، والتخلى عن العادات السيئة، للحفاظ على صحة صيامه، ويسعى الصائم للتمسك بالقيم والمبادئ الخيرة، مثل حفظ الوقت واستغلاله في الطاعات، كما يربي الصيام المسلم على التغير والانسجام مع الظروف المختلفة المحيطة به، ويجعل الفرد قادرا على التمرد على بعض سلوكه وعاداته، وكذلك تحسين الجانب الصحي، فإن للصوم فوائد صحية عديدة تعود بالنفع على جسم الإنسان، ومنها التخلص من سموم الجسم، حيث يساعد الصوم الجسم على التخلص من السموم العالقة فيه، فعند انقطاع الأكل لمدة معينة يقوم الجهاز الهضمى باستعادة حيويته وملازمة عمله بتنقية الجسم من الشوائب وخفض مستوى السكر المرتفع في الدم، حيث يساعد الصيام على حرق المخزون الزائد من الدهون والسكر، مما يؤدى إلى توازن في وجود القيم الغذائية المطلوبة للجسم.

ويساعد الصائم على اتباع نظام غذائى صحى، كما يوصى باتباع السنة عند الإفطار، وعدم الإكثار من الطعام، فقال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ” ما ملأ آدمى وعاء شرا من بطن حسب الآدمى لقيمات يقمن صلبه فإن غلبت الآدمى نفسه فثلث للطعام وثلث للشراب وثلث للنفس” وكما يساعد الصيام على تقوية جهاز المناعة للصائم، من خلال زيادة إنتاج كريات الدم البيضاء، وتكوين الأجسام المضادة التي تهاجم الجراثيم، وأيضا الوقاية من بعض الأمراض، حيث يساعد الصيام على تخفيض نسبة الكوليسترول في الدم وترسباته على أوعية الشرايين، كما أن بعض أطباء الغرب أوصوا بالصيام كوسيلة للوقاية والعلاج من بعض الأمراض القلبية، وأمراض الجهاز الهضمى، كالقرحة، والتهاب المرارة، والقولون العصبى، وبعض الأمراض الجلدية، هذا ولنرى سويا بعضا من خطط الإعداد لشهر رمضان في أيام شهر شعبان، ولكن قبيل البدء نمى في ذهنك حساسية الوقت وأهميته فلا تدع دقيقة تفوتك في شهر شعبان إلا وقد اكتسبت بها ما يفيدك.

معلومة تهمك

في دورة الإعداد لشهر رمضان وبإذن الله نسير على هذا الديدن طوال العام فتصبح أيامنا كلها كثيرة الحسنات جميلة النفحات إن شاء الله، ولكن هناك سؤال وهو أرأيت إن كنت تتوقع زائرا جليلا لبيتك، ووجدت البيت متسخا، هل تزينه قبل أن تنظفه؟ أم تعمد أولا إلى تنظيفه قبل أى شيء؟ ومن هنا نقول ابدأ بضبط فرائضك، وكن وقافا عند حدود الله تعالى، وحاسب نفسك على ما اقترفته من ذنوب خلال الشهور الماضية منذ رمضان الماضى، فلا تدخل رمضان الجديد إلا وقد تبت من ذنوب العام، وأيضا نقى قلبك ونظفه مما شابه من شهوات وشبهات، وتوب إلى الله تعالى مما نظرت له عينك بالحرام، واستمعت له أذنك، وامتدت له يدك، وسارت إليه رجلك، وتذكر أن الله تعالى يغار، وغيرته أن تنتهك محارمه، وإياك أن تسوف التوبة، وأن يغرك حلم الله وستره فإن الله تعالى يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، وأيضا لا تبدأ أى عمل إلا وقد أصلحت نيتك، فلن يقبل عملك إلا إن كان خالصا صوابا موافقا للشرع، فتعلم أحكام الصيام وعلمها أهل بيتك.

ومعارفك من الآن، وأيضا هذب نفسك وألزمها التقوى منذ الآن، فشهر رمضان مدرسة للمتقين، وأيضا بادر بصلة رحمك، واحذر أشد الحذر من قطعها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “خلق الله الخلق، فلما فرغ منه قامت الرحم، فقال مه، قالت هذا مقام العائذ بك من القطيعة، فقال تعالى ألا ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك؟، قالت بلى يا رب، قال عز وجل فذلك لك، ثم قال أبو هريرة قول الحق سبحانه وتعالى من سورة محمد ” فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا فى الأرض وتقطعوا أرحامكم” رواه البخارى، وإذا عرفنا هذا فلنسأل من هو الواصل للرحم؟ فإن هذا ما وضحه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله ” ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذى إذا قطعت رحمه وصلها “رواه البخاريى، وهل من نعيم أجمل من سلامة الصدر؟ وهى أن تقضي يومك وليلتك وأنت في راحة بال، بينما غيرك تغلى قلوبهم حنقا على غيرهم، وكذلك احرص أن تكون مخموم القلب من الآن، وادخل رمضان وقد فرغت قلبك للانشغال به.

دون سواه، فقيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم أى الناس أفضل؟ قال صلى الله عليه وسلم “كل مخموم القلب صدوق اللسان” قالوا صدوق اللسان نعرفه فما مخموم القلب، قال صلى الله عليه وسلم “هو التقي النقي لا إثم فيه ولا بغي ولا غل ولا حسد ” رواه ابن ماجه، وإن كثيرون للأسف هم من يقضون الساعات الطوال في استخدام الإنترنت، ويضيعون فرصا عظيمة في شهر مثل رمضان، فأين هم من الإمام مالك بن أنس الذي كان إذا دخل رمضان يفر من الحديث ومجالسة أهل العلم ويقبل على تلاوة القرآن من المصحف؟ فابدأ من الآن إن كنت من مدمني النت، بتقليل ساعات جلوسك عليه، واعلم أن شهر رمضان لن ينتظرك، فيجب عليك المبادرة فى قضاء ما عليك من صيام إن كنت أفطرت في رمضان الماضي لعذر شرعى، وإن في رمضان يقبل الناس على تلاوة القرآن وختمه ولكن لتكن تلاوته سلسة وختمته عليك يسيرة فابدأ في شعبان أن تكثف من وقت التلاوة فإن كانت عادتك أن تتلو جزءا يوميا فلتجعلها جزئين أو ثلاثا.

بل حاول أن تجعل لك فى كل عشرة أيام منه ختمة بتدبر، والتدبر أولى من الاسراع في الختم، فقال سلمة بن كهيل، كان يقال شهر شعبان شهر القراء، وكان حبيب بن أبي ثابت إذا دخل شعبان قال هذا شهر القراء، وكان عمرو ابن قيس الملائي إذا دخل شعبان أغلق حانوته، وتفرغ لقراءة القرآن، وإن رمضان شهر تكثر فيه الصلوات من تراويح وقيام ونوافل فلكى تعتاد على طول الوقوف فيه دون إرهاق أو تعب فلتخصص للقيام وقتا أطول بدءا من شعبان وليكن مثلا ساعة فمضاعفاتها، وعود نفسك من الآن على طول الركوع والسجود، وبدءا من الآن عود نفسك على طول الدعاء واحفظ من الأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم فهي تحوى جوامع الكلم وأخير وأبرك وأجدى بالإجابة إن شاء الله، وكذلك عوّد نفسك من الآن المكوث في المسجد فترات أطول بعد الصلاة تحضيرا للاعتكاف في رمضان إن شاء الله أو على الأقل تحضيرا للمكث في المسجد ساعات طوال فيه هذا أيضا اعتكاف فلا حد لأقله، وأيضا عوّد نفسك على الصوم.

لكي لا تجد عند إقبال رمضان بإذن الله مشقة فى صوم الأيام الأول فصم يوما وأفطر يوما أو اجعل شعبان أكثرأيامه صوما فقد ورد عن عائشة رضي الله عنها قالت “لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يصوم شهرا أكثر من شعبان، وكان يصوم شعبان كله ” رواه البخارى، واستعد لإطعام المساكين وتفطير الصائمين فابدأ من الآن زيادة كمية ما تعده من طعام لوجبة الغداء مثلا وخذ هذا الزائد ووزعه على الفقراء، فعن عطاء، عن زيد بن خالد الجهني، قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “من فطر صائما، كان له مثل أجره، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئا” وأيضا تصدق بشكل يومى في شعبان حتى تعتاد على التصدق يوميا في رمضان فتدخل فيمن قيل فيهم في الحديث، عن أبي هريرة رضى الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان، فيقول أحدهما اللهم أعط منفقا خلفا، ويقول الآخر اللهم أعط ممسكا تلفا “

تنبيه هام، المنشور يعبر عن رأي الكاتب ويتحمل مسؤوليته، دون ادنى مسؤولية علي الجريدة

تنبيه

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

معلومة تهمك

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

%d مدونون معجبون بهذه: