الأشباح (3)

الأشباح (3)

الأشباح (3)
من مؤلفات الكاتب والمؤرخ العسكرى
د. أحمد على عطية الله
الاغارة على لسان التمساح للمرة الثانية
العملية مجد 28/7/1969
خلال أيام قليلة بعد عملية الاغارة الأولى الناجحة على موقع لسان التمساح بدأ العدو فى سد الثغرات التى أدت إلى نجاح الهجوم المصرى ، ومع نشاط الحركة فى الموقع من الجانب الاسرائيلى زادت عمليات الرصد والاستطلاع من الجانب المصرى ، وكان يتم تصوير مراحل إعادة تحصين وتجهيز الموقع أولاً بأول إلى جانب الاستطلاع اللاسلكى والالكترونى .

ومع إنتهاء الاستطلاع كانت قيادة المجموعة 39- قتال تمتلك ما يكفى من المعلومات عن الموقع المعادى فى صورته الجديدة .
كانت الرسالة التى أراد العدو إبلاغها للجانب المصرى أن نجاحكم فى العملية لا يعود لكفائتكم بل يعود لعدم الأهتمام بإعداد الموقع ، وخطأ فى التقدير أن المصريين يمكن أن يهاجموا هذا الموقع .
ولم يقبل الرفاعى تلك الرسالة ، وقرر تحدى تجهيزات العدو والهجوم على الموقع فى شكله الجديد بعد أن أقام العدو حوله 28 مانعاً من الأسلاك الشائكة بينها حقول ألغام مضادة للمدرعات والأفراد . كما تم حصر الدخول إلى الموقع من مدخل واحد له بوابة محروسة بقوة من جهة سيناء ، كما جهز العدو الموقع بألغام فسفورية تحت السيطرة ، وأخرى شرامبيل ، وفى الوقت نفسه أقام العدو نظام إنذار على جميع الطرق المؤدية إلى الموقع تسمح بأكتشاف من يحاول الأقتراب من الموقع ، وتسمح أيضاً بسماع أخفت الأصوات ، كما تم دعم قوة النيران الخاصة بالموقع ، وزاد من تحصين ودعم فتحات مصادر النيران ( المزاغل) وجعلها ذات أبواب مصفحة مذدوجة تفتح بالترتيب لفترة محدودة لأستعمال الرشاشات الثقيلة وبعدها يتم غلق البابين بالتتابع لمواجهة أى محاولة للتصدى لمصادر النيران .
كما تضمنت خطة الدفاع التنسيق مع الموقعين الآخرين بالخلف ، والأستعانة بكتيبة مدفعية ميدان عيار 155 مم قريبة من الموقع لدعم الموقع ، والقدرة على إضاءة المكان خلال أى إشتباك .
وبنيت خطة الهجوم المصرية على الاستعانة بفصيلة دبابات برمائية مزودة بمدفع عيار 57 مم بالاضافة إلى الرشاشات ، وفصيلة أخرى من عربات الاستطلاع المدرعة البرمائية المحملة برشاشات ثقيلة(بردم) لنقل أفراد المجموعة مع دعمهم بقوة نيران كافية توفر للمهاجمين حماية أفضل خلال مرحلة الإقتراب مع إستخدامها كسواتر فيما بعد ، وستتوفر لها القدرة على إختراق تحصينات العدو وموانعه الجديدة ، ومواجهة مصادر نيرانه .
ومضت عملية التدريب على العملية بكفاءة وحماسة شديدة بمنطقة بحيرة قارون ، وكانت التصديقات على العملية تمضى فى طريقها ، وكانت المجموعة فى إنتظار ساعة الصفر ، وقبل موعد تنفيذ العملية بإسبوع قرر نائب مدير المخابرات فى ذلك الوقت اللواء الجمسى سحب الدبابات والعربات المدرعة البرمائية من المجموعة وإرسالها إلى مدينة الغردقة ليحول دون تنفيذ هذه العملية التى يرى أنها أجرأ من اللازم ، وخشى من فقد الفصيلتين المدرعتين البرمائيتين ، وما يمكن أن تستغله الدعاية الاسرائيلية عند عطب أحد أوبعض هذه المجنزرات وهو أمر وارد بواسطة ألغام العدو أو أثناء الاشتباك ، وما يمكن أن تتأثر به روح جنودنا المعنوية على الضفة الغربية .
إتخذ الرفاعى قراراً بتنفيذ العملية بدون عنصر المدرعات ، وحصل على تصديق بتنفيذ العملية فى صورتها الجديدة . وكانت الخطة تعتمد على إقتحام الموقع الحصين من الباب الرئيسى لتجنب الموانع الهندسية وحقول الألغام ، وإنقسمت المجموعة لعدد من المجموعات أربعة منها لعملية إقتحام الدشم الأربع ، ومجموعتين لقطع وتلغيم الطرق المؤدية إلى الموقعين القريبين بالداخل ، مع منع العدو إذا حاول دفع دباباته لأنقاذ هذا الموقع . ومجموعة ساترة لحماية مجموعات الإقتحام ( مجموعة القيادة) ، بالاضافة إلى مجموعة تأمين الزوارق وحماية ظهر المجموعة من أى إمداد أو تدخل من الخلف . فى حين كانت قوات العدو فى هذا الموقع والتبة المتصلة به تتألف من أكثر من 40 ضابطاً وجندياً تدعمهم دبابتين ، وعربة نصف جنزير .
بدأت تحضيرات المدفعية المصرية من الساعة 9 وربع مساءاً لتطلق قذائفها على الموقع والتبة باستخدام مدفعية من عيار 25 رطلاً ، والهاون 120مم واستمر القصف حوالى 10 دقائق أثناء عبور قوة الاغارة فى سبع قوارب دفع بأحدها كقارب إستطلاع لتأمين نقطة النزول التى وصلتها بعد 15 دقيقة ، وبعد إحتلال نقطة النزول على الضفة الشرقية بدأت التقدم فى شكل 6 مجموعات ، وعند الوصول إلى مسافة 100 متر جنوب الموقع تم طلب رفع نيران المدفعية المصرية . وفى تلك اللحظة أبلغ ضابط الاتصال قائد الهجوم بأن العدو بالموقع قد عرف بوصولهم وأنهم يستعدون لمواجهتهم وأستمر فى إحاطته بالبلاغات الاسرائيلية :
• إنهم قد وصلوا .
• إنهم يقتربون .
• أدخلوا الحصون وأغلقوا الأبواب .
وبالرغم من هذه المعلومات ، والحرمان من عنصر المفاجأة قرر الرفاعى الاستمرار فى الهجوم ، ودخلت مجموعات الاقتحام الموقع من بابه ، واتجهت مجموعتى القطع لتلغيم الطريقين الواصلين للموقعين الآخرين المشرفين على هذا الموقع ، وأتخذت مجموعة القيادة الساترة مكانها بالقرب من الموقع ، وبمجرد صعود مجموعات الأقتحام ظهر الدشم الأربع تم تفجير الألغام الفوسفورية المسيطر عليها من داخل الموقع . وصدرت الأوامر لمن بالموقع بإغلاق البوبات ، وتحركت دبابات العدو من الموقعين القريبين للتدخل فى المعركةالدائرة ، ولكن دبابتان أصيبتا من الألغام وأرتد الباقى ، وصدرت الأوامر بعد إغلاق العدو لبواباته من قيادة العدو بتوجيه قصفة مدفعية على الموقع للقضاء على المهاجمين المصريين ، وبالفعل قصف العدو من موقعيه القريبين موقع لسان التمساح بالمدفعية عيار 155 مم ، وأضئ المكان بطلقات الهاون المضيئة ، وبدأت فتحات مزاغل الرشاشات تفتح ويشتبك من بالداخل مع الأبطال ، ودارت إشتباكات حامية الوطيس أبلى فيها أبطال المجموعة بلاءاً حسناً بالرغم مما تكبدوه من خسائر تمثلت فى إستشهاد ثمانية من مقاتلينا ، وإصابة 13 ضابطاً وجندياً ، فى حين تكبد العدو خسائر أفدح فى الأرواح والمعدات ، وبعدما أنهت المجموعة مهمتها وعادت إلى الضفة الغربية أصدر الفريق صادق أوامره بعودة الزوارق مرة أخرى إلى الموقع للبحث عن جثث الشهداء والجرحى وإعادة الشاردين الذين بلغ عددهم 14 مقاتلاً ، ومنهم من حاول العودة سباحة خلال مياه بحيرة التمساح فى الظلام الدامس .
وبالرغم من الخسائر التى تكبدتها المجموعة خلال هذه العملية ، وعدم تحقيق أهدافها بالصورة المرجوة إلا أنها لم تخلو من نقاط إيجابية فكان رأى اللواء محمد صادق أن هذه العمليات من أهم العمليات التى نفذتها المجموعة .. بل القوات المسلحة ككل منذ زمن طويل فلأول مرة يهاجم المصريون موقعاً للعدو ويسقط لهم شهداء داخل الموقع ، وهى نقطة إيجابية تحسب لرصيد العسكرية المصرية التى كان قد أشيع عنها عقب نكسة يونيو سرعة الفرار وعدم القدرة على مواجهة العدو ، وقد إتفقت الصحف الأجنبية التى نشرت صور بعض الشهداء المصريين داخل الموقع على نفس رأى اللواء محمد صادق . وقد إستغرقت مدة الاغارة على هذا الموقع عشرة ساعات وتشكلت قوة الاغارة من :-
1- مقدم إبراهيم الرفاعى .
2- رائد طبيب محمد عالى نصر .
3- رائد أحمد رجائى عطية .
4- نقيب بحرى إسلام توفيق .
5- نقيب حنفى إبراهيم .
6- نقيب محى نوح .
7- ملازم أول بحرى وسام عباس حافظ.
8- ملازم أول وئام سالم .
9- ملازم أول محمد الجبالى .
10- ملازم أول محمد البكرى .
11- ملازم محسن طه .
بالاضافة إلى 64 صف ضابط وجندى .
بالاضافة إلى مجموعة الاتصال والسيطرة على الضفة الغربية بقيادة العميد مصطفى كمال .
• إستطلاع ميناء إيلات
قررت القيادة العسكرية ممثلة فى رئيس الأركان الفريق محمد صادق ، وبموافقة القيادة السياسية ممثلة فى الرئيس عبد الناصر الرد على عملية الزعفرانة بتدمير ميناء إيلات البحرى بما به من سفن وما عليه من منشآت. فتم تكليف المجموعة 39-قتال بإستطلاع ميناء إيلات فأوكل إلى النقيب إسلام توفيق والرائد بحرى رضا حلمى قائد وحدات القوات الخاصة بالقوات البحرية إستطلاع الميناء من الأردن بميناء العقبة القريب من ميناء إيلات بالتنسيق مع السلطات الاردنية . فتمت عملية الاستطلاع على مدى ثلاثة أيام بدءاً من 26 أغسطس 1969 من فوق منطقة جبلية قريبة من الميناء الاسرائيلى وتشرف عليه .. حيث تم تصوير المنشآت العسكرية ، والقطع البحرية ، ووسائل حماية هذه المنشآت ، ومحاولة معرفة النظم الدفاعية براً وبحراً . وقد تعرض البطلين لمحاولة قتل أثناء تواجدهما على هذا المرتفع عندما تعرضا لوابل من رصاص العدو .
وقد نجح البطلين فى وصف الميناء وصفاً دقيقاً ومن التفاصيل التى ذكرت :
وجود رصيفان للميناء أحدهما للنشاط التجارى والآخر عسكرى يفصل بينهما حوالى 5 كيلومترات ، هذا بخلاف وجود أرصفة للفوسفات والبترول ، وفوق رصيف البترول 6 فناطيس للبترول تمد الخط الواصل بين إيلات و حيفا بالبترول ، كما كان يجرى وقتذاك بناء 11 فنطاساً للبترول فى نفس المنطقة ، أما فى اعالى الجبل فقد تم بناء 9 فناطيس ، كما كان يجرى بناء فنطاسين آخرين ، وقد خصصت هذه الفناطيس لتشغيل خط أنابيب البترول الممتد من من إيلات إلى مينائى حيفا وأشدود على البحر المتوسط بواسطة خطى أنابيب كما توجد محطة تنقية مياه ومحطة كهرباء إحتياطية لتزويد المدينة بالكهرباء فى حالة إنقطاع التيار الكهربى فى المنطقة التى تفصل بين رصيف الفوسفات عن الرصيف الحربى .
أما الميناء فكان يوجد به :
1. عدد ناقلتان على رصيف البترول .
2. عدد 3 سفن تجارية على رصيف الفوسفات .
3. عدد 3 قطع بحرية حربية على الرصيف الحربى ، بالإضافة إلى عدد 4 زوارق إنزال صغيرة .
4. عدد قاطرتان ، وزورق إرشاد .
5. عدد من القوارب المطاطية ذات الموتور .
وقد وضعت خطتان لتدمير إيلات :-
الأولى : أعدها إبراهيم الرفاعى تمزج بين الطائرات العمودية ، والضفادع البشرية ، والصاعقة البحرية .
الثانية : وضعها اللواء محمود فهمى قائد القوات البحرية وتعتمد فقط على الضفادع البشرية .
وخلال مناقشة الخطتين إستدعى الفريق محمد صادق النقيب بحرى إسلام توفيق وسأله هل يمكن إغراق القطعة البحرية الاسرائيلية بيت شفيع بإستخدام قذائف الآر بى جيه ؟
فكانت الإجابة : لا .
ومن هذه الأجابة تم إختيار الخطة الثانية بإستخدام الضفادع البشرية بسلاح القوات الخاصة البحرية ، وهى العملية الشهيرة التى كان للمجموعة 39 قتال الفضل فى الأستطلاع الجيد الذى ساعد على نجاح العملية .
كلمة الرئيس السادات
فى سجل المجموعة 39- قتال عند زيارته لها
رئيس الجمهورية
يوم الخميس 31 من جمادى الآخرة 1391هـ الموافق 12 من أغسطس 1971 م
إننى إذ أنتهز فرصة زيارتى لأحيى جميع من شاركوا فى عرض اليوم من الضباط والصف والجنود الذين كتبوا لوطنهم بطولات خالدة سيأتى بإذن الله اليوم بعد أن نفرغ من معركتنا لإذاعتها على الشعب
أريد شراسة أكثر وبطولات أكثر فالمعركة ستكون معركة مضنية. فشعبكم يثق فيكم ويضع شرفه وآماله بين أيديكم .
تحية لكم ونحية للفريق أول صادق الذى بدأ بكم أسطورة التفوق بالعبور والالتحام .
والله يرعاكم وقلوب شعبكم وثقتى كلها معكم ،
أنور الســـادات
12/8/1971م
براءة وسام الجمهورية للمجموعة 39- قتال
بسم الله الرحمن الرحيم
من أنور السادات رئيس جمهورية مصر العربية
إلى المجموعة 39 – قتال من القوات البرية
تقديراً لما قامت به المجموعة من أعمال ممتازة تتصف بالتفانى والتضحية فى ميدان القتال فقد منحنا علمها وسام الجمهورية العسكرى وأمرنا بإصدار هذه البراءة إيذاناً بذلك .
تحريراً بقصر الجمهورية بالقاهرة فى يوم السابع والعشرين من شهر المحرم سنة ألف وثلاثمائة وأربعة وسبعين من هجرة خاتم المرسلين .

معلومة تهمك

19 فبراير1974 رئيس جمهورية مصر العربية

تنبيه هام، المنشور يعبر عن رأي الكاتب ويتحمل مسؤوليته، دون ادنى مسؤولية علي الجريدة

تنبيه

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

معلومة تهمك

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

%d مدونون معجبون بهذه: