سيكولوچية البيئة وأثرها على الفلسفات التنويرية

سيكولوچية البيئة وأثرها على الفلسفات التنويرية
بقلم د. أمل درويش

يقول الكاتب يوسف ميخائيل أسعد في كتابه سيكولوچية الإلهام: “إن الوراثة تشبه عود الثقاب ساعة الاشتعال، ونُشبه البيئة بالمواد التي تقبل الاشتعال..”

وقد استهلت المبدعة الدكتورة أماني إبراهيم بحثها المنشور في كتاب تحت عنوان “سيكولوچية البيئة وأثرها على الفلسفات التنويرية” بالتنويه عن نشأة كل فيلسوف وبيئته التي نما فيها قبل الحديث عن فلسفته ورؤيته، إيمانًا منها ببالغ الأثر الذي تتركه هذه المؤثرات على فكر ووعي المفكر وتفتح له آفاق التأمل وتشحذ همته ليتفوق على أقرانه ويصل بتفكيره وبحثه بما يفوق خيالاتهم وتوقعاتهم، وكم من فيلسوف اتُهم بالجنون أو الزندقة وفقد حياته مقابل التعبير عن أفكاره التي غرد بها خارج سرب السلف والمعاصرين له..

معلومة تهمك

وفي ذلك يقول يوسف ميخائيل:
“إن ما تتفاعل معه من مقومات بيئية كثيرة ومتعددة هو الذي يحظى بنصيب الأسد في كمية ونوعية الإلهامات التي تصل إليك والتي تستطيع الاستحواذ عليها والطفو بها على سطح سلوكك..”
وبالفعل هذا ما حدث لعظماء كُثُر آثروا الطفو على سطح الرجعية والتخلف والانحصار فيما وصل إليه السابقون ورفض الغالبية في الخروج عما رُسم لهم، حتى وإن لم يكن صالحًا لهذا الزمن الذي يعيشونه.

وقد تجلت اختيارات الباحثة الدكتورة أماني لمجموعة منتقاة بعناية من الفلاسفة والمفكرين والأدباء بداية من عصر طاليس وأفلاطون وسقراط ومرورًا بعصر النهضة الفكرية في بلاد المسلمين فاختارت الكِندي وابن سينا والغزالي وكذلك اختارت مجموعة من المفكرين من شتى أصقاع البسيطة شرقًا وغربًا من عصور مختلفة والتي أرى أنها وفقت فيها، والتزمت طريقة التسلسل الزمني لسرد رؤى وأفكار هذه الشخصيات من العصر القديم حتى العصر الحديث..
ملتزمة جانب الحيادية في الطرح، دون الانحياز لديانة أو رؤية دون غيرها، وهذا هو الأسلوب الدقيق الموفق لكي يصل الباحث ببحثه لشاطئ المعرفة محتفظًا بلآلئ المبدعين السابقين بصورة نقية لا تشوبها شائبة مرجعية عقائدية أو طائفية.

يقول جلال الدين الرومي في رباعياته:
لو رغبت الحياة، اهجر ضفافك،
كمثل جدول وضيع يُباشر نهر “أماداريو”، بعرض فراسخ،
أو كأنعام تزحزح حول الرحى
لتطوّق عُليّا الدُنى حين غرة..

هكذا فعل الفلاسفة والمفكرون المتميزون هجروا ضفافهم وانطلقوا في الفضاء الرحب يتفكرون ويحللون بمنطقهم ورؤيتهم الكون ونواميسه ويضعون رؤاهم للأجيال التالية تتدبرها وتحللها وتضيف عليها من تجاربها الخاصة؛ فنهر الحياة لا يتوقف سريانه ولا يجف نبعه.

بحث رائع امتاز بسهولة الطرح وتنسيق الأفكار، وتحديد الرؤى في تفسير معاني الحق والخير والجمال..
وما زاد من إعجابي توثيق البيانات المختصرة المجدولة التي نسقتها الباحثة في نهاية البحث وقد جمعت فيها تلخيصًا لما تم طرحه في البحث سلفًا ليكون بمثابة تذكير للقارئ في نهاية البحث بما تم شرحه، فيكون مرجعًا له حين عودته مرة أخرى لاسترجاع فكرة أو معلومة في البحث.

تنبيه هام، المنشور يعبر عن رأي الكاتب ويتحمل مسؤوليته، دون ادنى مسؤولية علي الجريدة

تنبيه

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

معلومة تهمك

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

%d مدونون معجبون بهذه: