البحث العلمي على من نطلق الرصاص

 

ا.د/ أحمد حسين عبد المجيد استشاري التغذية 

والباحث في التاريخ المصري القديم

 

معلومة تهمك

إنّ قيمة البحث العلمي تكمن في قدرته على تحسين حياة الناس، وربطه بالواقع والتأثير فيه، يجب ان تكون هناك الشجاعة في إطلاق التعليم والبحث العلمي من أي قيودٍ مجتمعية أو مؤسسية، والنظر إلى الطالب باعتباره منتجاً للمعرفة وليس مستهلكاً لها.

أنّ قيمة البحث العلمي تكمن في قدرته على تحسين الواقع والعيش والأدوات التي تسهّل حياة الناس، وتعطيهم قدرة أكبر على التحكم بالظواهر التي حولهم، مما يعني ربط البحث العلمي بالواقع والتأثير فيه وهذا لا نجده في أبحاثنا التي يكتبها الأساتذة في الجامعات؛ إذ من المتوقع منهم أن ينتجوا أبحاثاً مفيدة، لكنّ ذلك غير متحقق لأسباب كثيرة؛ فمشكلة البحث العلمي عندنا أنّه مايزال حتى الآن غير مرتبط جدّياً بالنشاط المجتمعي في نواحيه المختلفة، الاقتصادية والاجتماعية.

أنّ المجتمع الذي يطالب بتعليم جيد يتناسب مع متطلبات العصر ويُعلم الإبداع “هو نفسه الذي يرفض أي فكر جديد ويقابل أي تفكير خارج المألوف بالرفض والمقاومة.

يجب أن يستند البحث العلمي إلى التفكير في المشكلات التي تواجه الإنسان، وإدراك الظّواهر الاقتصاديّة والاجتماعيّة والطبيعيّة وتفسيرها لإيجاد حلول مناسبة لها، و الاستفادة منها على الوجه الأكمل، وكذلك ما سيكون عليه الحال مستقبلاً.

 

الابحاث الأكاديمية نوعان؛ بحوث الإبداع واقتراح الحلول في المجالات العامة من خلال دراسات وبحوث علمية رصينة، بشرط أن تكون تلك الأبحاث قادرة على الوصول إلى اصحاب القرارات سواء في الاقتصاد أو الاجتماع أو في فروع العلوم التطبيقية أيضاً، في المصانع ومؤسسات الإنتاج، وهذا النوع هو مسؤولية الباحث في الدول المتقدمة، التي استقرت فيها المؤسسات، وأصبحت شريكة في التأثير ورسم السياسات .

النوع الثاني، هو ما نريده في بلادنا، فمسؤولية الأكاديمي لا تقتصر على البحث في المختبرات والمراكز والمؤسسات التعليمية؛ لأن أغلب هذه الأبحاث لا قيمة لها في مجتمع لا يرى أصلاً أي قيمة قد تأتي منها وهناك اصحاب القرارات غير معنيين بها، لذا فإنّ تأثيرها يبقى محدوداً، ومن هنا تصبح الأكاديمية معزولة عن الواقع، ويتحول الأكاديمي إلى شخص منفصل عن عالمه ، يعيش في عالم افتراضي يصنعه لنفسه.

مهمة الباحث هي الاشتباك مع المجال العام وإبداء رأيه بشجاعة الباحث ضمير أمته ومجتمعه. لكن مجتمعاتنا ودولنا ومؤسساتنا لا تحتاج بحثاً علمياً محايداً، لكنها تحتاج شجاعة في النقد من أجل كشف العيوب، ومن ثم العمل على إصلاحها.

باولو فريري أحد الذين كتبوا عن تجربتهم في التعليم، في كتابه “تعليم المقهورين”، وهو يرى أنه ليس هناك عملية تعليم محايدة، فالتعليم إما أن يتحوّل إلى أداة تصهر الأجيال الصغيرة في المنظومات القائمة وتؤدي إلى الانصياع لها، أو يصبح أداة لـ”ممارسة الحرية”؛ فالتعليم له رسالة موجهة، وهو بنظره الوسيلة التي من خلالها يتمكن الرجال والنساء من التعامل بشكل انتقادي وخلاّق مع الواقع.

يرى فريري أنّ هناك نوعين من التعليم؛ التعليم البنكي والتعليم الحواري الأول يقوم على التلقين والحفظ، ولا يفتح مجالاً للعقل ومواجهة الواقع وهو ما ينتج جيلاً منسحباً من ذاته ومفصولاً عنها أيضاً، فنجد من يقول كلاماً جميلاً ، لكنه يتصرف عكسه،

بسبب هذا النوع من التعليم البنكي فإن المؤسسات التعليمية- لن تعود قادرة على التأثير الفعال في عقول أبنائها، ولا على تشكيل فكر نقدي فهم متلقون لكل ما يسمعون دون نقد أو تمحيص.

التعليم الحواريّ يستنهض كوامن النفس ويجعل الطالب قادراً على المشاركة فيما يتعلمه؛ المعلومة مشتركة بين الطالب والمدرس والطالب منتج للمعرفة وليس مستهلكاً لها .

الإبداع ليس حالة منفصلة عن السياق الثقافي والاجتماعي، فالمبدع ليس معجزة، إنه نتاج مجتمعه، فكيف لمجتمع لا يقدر قيمة الإبداع أن ينتج مبدعين، فلا بد أن يكون التعليم بحد ذاته حالة إبداعية.

المجتمع الذي يدعو إلى التغيير و يطالب بتعليم جيد يتناسب مع متطلبات العصر ويُعلّم الإبداع هو نفسه الذي يريد للطالب أن يكون مطيعاً، وفي المقابل يرفض أيّ فكرة جديدة. فهو يطالبك أن تبقى على ما تعرف، ولا يخلق فيك روح المغامرة لمعرفة الجديد. فكيف يمكن أن يستقيم ذلك؟

تنبيه هام، المنشور يعبر عن رأي الكاتب ويتحمل مسؤوليته، دون ادنى مسؤولية علي الجريدة

تنبيه

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

معلومة تهمك

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

%d مدونون معجبون بهذه: