الحلقة الثالثة والعشرون من كتاب نجوم فى سماء الوطن

الحلقة الثالثة والعشرون
من كتاب
نجوم فى سماء الوطن
المؤلف المؤرخ العسكرى د. أحمد على عطية الله
الناشر دار النوارس للطباعة والنشر
الطبعة الاولى 2021
رابعًا
من أبطال سلاح المشاة
22- المقاتل أحمد عبد العليم الخطيب
بطل من الأبطال الذين خاضوا غمار هذه الحرب.. جاء من أقاصي الصعيد البربا- صدفا- أسيوط من عائلة الخطبة ليحرر رمال سيناء الغالية ويثأر لإخوانه الذين استشهدوا خلال حرب يونيو 1967 فنسمعه يقول: أنا الجندي مجند أحمد محمد عبدالعليم محمد الخطيب.
تاريخ التجنيد: 26 / 12 / 1972
السلاح: مشاة ميكانيكي.
الموقع: كتيبة ضمن أحد ألوية المشاة الميكانيكية بإحدى فرق الجيش الثالث الميداني.
مقر الكتيبة: منطقة جنيفة بين الإسماعيلية والسويس.
العمل: رامي مجنزرة bmb 1
والرامي على هذه المجنزرة يشتبك مع دبابات العدو بوسيلتين:
الأولى: صواريخ مالوتيكا مداها 3كيلو مترات ويتم توجيهها يدويًا بعصا توجيه تتحرك لكل الاتجاهات.
الثانية: مدفع مداه (5 .1) كيلو متر والذي تظهر ماسورته في برج المجنزرة

ومدفع رشاش للاشتباك مع الأفراد.
عشية يوم المعركة:
في اليومين الرابع والخامس من أكتوبر الجنود خلية نحل، تدريبات بالذخيرة الحية، رماية صواريخ على أهداف قديمة، تعبئة للذخيرة والمياه والأغذية الجافة… يومان كانا بكل المقاييس كأنهما شهران في الإنجازات والعمل لكنهما مرا كالساعات.
كل هذا ولا نعلم شيئًا عن الحرب وإذا سألنا قادتنا قالوا تدريب بس بالذخيرة الحية.
وجاء صباح السادس من أكتوبر.
الهدوء يخيم على الوحدة، صمت رهيب وكأن على رءُوسنا الطير، فجأة وفي تمام الثانية إلا خمس دقائق، انطلقت أسراب طائراتنا كالبرق الخاطف لتعبر القناة إلى سيناء الحبيبة ولتدك حصون العدو.
حينها فقط علت الأصوات الله أكبر الله أكبر، صدرت الأوامر بالاستعداد للعبور والتحرك نحو المعابر.
الكل يسابق الزمن، اختلطت الأحاسيس والمشاعر سنحارب، سنقاتل إسرائيل، سنطردها، لا، بل ندمرها، نبيدها، سنقطع ذراعها التي طالما تباهت بها وهددتنا.
تحركنا نحو المعبر وكان قبالة عزبة العمدة والذي عرف بعد ذلك بمعبر جمال نسيم.
في لحظتي هذه أصارع مشاعري وأصد دموعي حينما تذكرت اللحظات التي لا تنسى (أهل القرية يهللون ويكبرون رجالًا ونساءً، أطفالًا وشيوخًا، يقدمون لنا المياه وما ملكت أيمانهم, ودعاؤهم لنا ودموع الفرحة تغلبهم) الآن أمامي أبطال المهندسين يمدون الوصلات التي تكون المعبر الذي سنعبر عليه إلى أرض سيناء المغتصبة لتحريرها.
في نفس التوقيت خراطيم المياه مسلطة على السد الترابي المنيع لفتح مسافة كافية مقابل المعبر…
ملحمة.. ما أروعها.. اكتمل مد المعبر.
تحركت الدبابة نحو المعبر سار أمامنا فرد من سلاح المهندسين ليشير للسائق يمينًا ويسارًا، وفي مياه القناة وعلى جانبي المعبر هؤلاء الأشاوس من جنود المشاة كانوا لازالوا يعبرون بالزوارق المطاطية بأسلحتهم ومعداتهم.
الشمس تصارع المغيب عبرنا القناة، نحن الآن على أرض سيناء.
نحن الآن فوق رمالها الغالية… لحظات يقف عندها الزمن..
أنا ورفاقي خرجنا دون اتفاق، جثونا على رمال سيناء نقبلها… نضع رمالها على صدورنا ونحن نبكي بكاءً هستيريًا.
كان حلمًا، كان أملاً بعيد المنال الحمد لله، صيحات الجنود تشق سكون الليل والأضواء الكاشفة تجعله كالظهيرة….. طلقات من بعيد.. هنا وهناك متبادلة بيننا وبين العدو..
تحركنا للداخل وعند حد معين جاء الأمر بالثبات لحين صدور أوامر أخرى.
التوقيت: فجرالسابع من أكتوبر.
لم يطل الوقت طويلًا حتى بدا ضوء الفجر.
ومع أول ضوء… تلوح في الأفق طائرات معادية تتجه صوب المعابر، وهنا وفي لمح البصر ينشق من شاطئ القناة اللهيب المستعر، قل إنه لظى ينطلق من كل الشاطئ نيران كثيفة تضيئ ما تبقى من ظلمة الليل تتلألأ كالنجوم في السماء ثم تتحول إلى رماد من نار يحتضن الطائرات في لمح البصر والجميع يكبر ويهلل.
ولا أنسى عدلي الطاهر ابن نجع حمادي إذ يصرخ بأعلى صوته:
(أشعلها وتوكل) وآخر يتلو (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى)
طائرات العدو تتساقط كالفراشات في اللهب، يقفز أحد الطيارين بمظلته.
أسرعنا نحوه لنفتك به ولكن الرائد (محمد عبدالله النوبي) قائد السرية يأبى أن نفعل وأخذه مكبلًا يجر أذيال الخزي والمذلة، يسلمه للقيادة في الخطوط الخلفية.
نتقدم….. نرى دبابات العدو، تطلق مدافعها من مسافات بعيدة، تخشى الاقتراب وفجأة لاحت أمامنا عربة جيب تنطلق بسرعة في خط أفقي مما يجعلها صيدًا يسيرًا دمرناها ولا أستطيع أن أقول دمرتها؛ لأننا جميعًا أطلقنا عليها النيران، وكانت مجنزرتي هي الأقرب لهذه العربة فاتجهت إليها..
خرجت والزميل أحمد حامد من المنيا من المجنزرة لأسر من فيها أو التخلص منهم إذا تعرضنا للخطر.
وأسرع إلينا الزميل عبد المعطي.. رأينا الدخان ينبعث من داخل العربة، تقدمنا بحذر كل من جهة، وجدنا بها اثنين من الجنود دون حراك لقد ماتا، السائق وبجواره فرد تابع لسلاح الإشارة عرف ذلك بارتداء فرد الإشارة ما يسمى بالهلمت يشبه الخوذة غير أنه به سماعات على الأذنين ولها رباط أسفل الذقن به ميكروفون أو مايك في الناحيتين.
نظر عبد المعطي وقال:
فرد الإشارة امرأة وخلع الهلمت عن رأسها ورغم ما نحن فيه من اشتباكات وضرب إلا أن عبد المعطي يضع قدمه على العربة الجيب ويستمر في فك رباط البيادة.
قلت: ماذا تفعل؟
فأقسم بالله العظيم ما أضربها إلا بالجزمة بنت المركوب، أولاد الكلب يبعتولنا النسوان حتى منعناه من ضربها.
أخذنا أسلحتهم وأخبرنا القائد بالموقف فاتصل بالقيادة للتصرف بعد تحديد الموقع.
الاشتباكات زادت حدتها تقدمنا، دبابات العدو تتراجع متحصنة بدشم خرسانية، العدو يضرب بالمدفعية الثقيلة من بعيد.
أصيب عبدالمعطي…
استشهد عبدالمعطي….
هو أول الشهداء من بيننا استشهد البطل وهو يهرول مسرعًا للأمام نحو العدو.
آه لو رأيته…. آه لو رأيت حماسته….. لو شعرت بروح المقاتل فيه.
لتمنيت أن يكون كل أبناء الوطن عبدالمعطي..
رحمك الله أيها الشهيد..
فزت أولنا بالشهادة ونحن طالبوها من بعدك وسنلتقي…
الدشم الحصينة في داخل سيناء أمامنا، لا نرى إلا ارتفاعًا لا يتعدى المتر عن الأرض، وتظهر فتحات يخرج منها فوهة المدفع أو الرشاش.
لهذا كان لزامًا علينا أن يكون التنشين على هذه الفتحات؛ لتدمير أسلحة العدو، وقد حدث.. تدمير مداخل هذه الدشم، وهكذا دمرت الأسلحة وخرج الإسرائيليون رافعي أيديهم منكسى رءُوسهم كالفئران المذعورة فمنا من صاح وهو يطلق النار نحوهم:
هذا ثأر عبدالمعطي، وثأر من يموت من بعده.
الله.. الله عليك أيها المصري……… أيها الصامد رغم المحن وما أعظم عطاءك!
اشتعلت النيران في دشم العدو تنفجر الذخائر، تعلو ألسنة اللهب لتحرق قلب موشي ديان ورئيس أركانه أليغازر، ولتمت غيظًا وكمدًا جولدا مائير رئيسة الوزراء.
التوقيت: أيام 8، 9، 10 أكتوبر.
تشتعل النيران في الدشم الحصينة؛ لتصبح بفضل الله ثم عزيمة الرجال هؤلاء الفوارس الذين وهبوا أرواحهم الغالية النفيسة، يبذلونها رخيصة في سبيل الله والوطن، وفداءً لاسترداد سيناء الحبيبة من الغاصبين لتصبح هذه الدشم أنقاضًا، تحكي للأجيال ما بقيت هذه الدشم.
ترتفع ألسنة اللهب، وقد تعجب كل العجب وقد لا تصدق ما رأيناه حقًا وصدقًا،
والله الذي لا إله إلا هو، أتمالك نفسي الآن، ورغمًا عني تغلبني دمعات؛ لأني تذكرت….
تذكرت إخوتي وأبنائي ذلك الدخان المتصاعد من النيران وهو يكتب في جوف السماء كلمات!!!
ماذا يكتب؟؟؟؟
يكتب بخط عربي فصيح:
(الله أكبر) (الله أكبر)
فتعلو صيحات الأبطال تشق عنان السماء (الله أكبر الله أكبر).
تخرج التكبيرات والتهليل كحشرجة المختنق؛ لأنَّنا والله نكبر والبكاء متصل موقنين فرحين بنصر الله نتقدم، نشتبك مع العدو…. نضرب مواقعه…. ندمر ما نراه من قواته؛ فيسقط منّا من أكرمهم الله بالشهادة، وسبقونا إليها.
تتساقط طائرات العدو فوق رمال أرضنا الطيبة، نهرول نحوها لأسر طياريها ويا لهول ما نرى، لا يقفز من الطائرات أي طيار أو يخرج منها مصابًا بعد سقوطها؟؟
هل تدري لماذا؟؟؟
لأن العدو وجد طياريه حينما يرون الجحيم المستعر المنطلق من أسلحة الأبطال وصواريخهم (سام 6) وأن كل طائرة تقترب من شاطئ القناة مشتعلة لا محالة، ولذلك فالطيارون من هول ما يروا، يقفزون من طائراتهم بعد إضرام النار فيها، لهذا قام العدو بربط الطيار في مقعد الطائرة، حتى يحاول العودة بالطائرة أو يحترق فيها.
وعلمنا بعد ذلك أنهم طيارون مرتزقة من بلاد مختلفة.
وكم كانت الساعات والأيام رغم ما فيها، رحلة جهاد ما أجملها!!!
هدفنا النصر أو الشهادة، وأذكر في لحظة هدوء، خرج أحمد حامد حكمدار الدبابة ليقضي حاجته وانتظر بعدها قليلًا، فقلت له:
اصعد وادخل الدبابة حتى لا تصاب.
فقال: (لو فيه موت كنت مت، أُمال مين هيقضي على أولاد الـ………… دول؟؟؟
مش هنموت، إلا بعد ما نقضي عليهم خالص.. إن شاء الله.
وتوالت الحرب ليلها كنهارها فالأضواء الكاشفة تملأ السماء.
تقدمنا شرقًا بعد شاطئ القناة بعدة كيلو مترات ومعدات جنود العدو مبعثرة في كل مكان.. إنه هروب الفئران، فرار الجبناء.
قائد السرية الرائد محمد عبدالله النوبي وهو من أبناء أرمنت بقنا يمر علينا وهو يرتدي الأفارول، الذي لم يقيف (لم يضبطه عند الترزي) وبدون تعليق الرتبة على كتفيه إن مروره علينا يشعل فينا النخوة والشجاعة، فنشعر أنه أخونا الأكبر، يحفزنا ويشد من أزرنا.
ينادينا: هيا يا أبطال، إنها أيامكم، اثبتوا ولا تخشوا العدو إنه عدو جبان، نحارب ونحن أصحاب حق، فلا تخافوا.. فالله معنا يا أبطال..
ويسألنا: ما هو موقف الذخائر والأسلحة؟ ويشكرنا على ما بذلناه..
هذا القائد ويشهد الله كان له فعل السحر في نفوسنا.
(فاللهم إن كان حيًا فبارك اللهم فيه وَهَبْهُ الصحة والعافية، وإن كان قد انتقل إلى رحابك فاجزه يا ربنا خير الجزاء).
ورحم الله الشهداء.
التوقيت: أيام الحادي عشر والثاني عشر من أكتوبر.
نحن الآن بعمق سبعة كيلو مترات داخل أرضنا الطيبة، أرض سيناء الحبيبة، نواصل ما بدأناه من قتال للعدو، من جهاد في سبيل استعادة الأرض السليبة، المغتصبة من عدو خسيس، يمر بكل بسالة وشجاعة قائد الفصيلة الملازم أول مصطفى محمد إبراهيم، على أفراد المشاة المرابضين في حفرهم البرميلية وبأيديهم الطاهرة أسلحتهم وذخائرهم ومعداتهم قائلاً: ازيكم يا أبطال محتاجين حاجة؟
انتوا بتمثلوا مصر كلها.. ومصر حاطه الأمل فيكم وانتوا قدَّها وشوية.. الله معنا وسنحرر كل شبر من سيناء إن شاء الله.
مع أنوار الفجر تبدأ الملاحم، وتشتعل الأرض على جنود العدو لتجعلهم وقودًا للنار، وتسقط على موقعنا بعض القذائف المعادية فيسقط الشهداء ويصاب البعض
لكن ذلك لا يؤثر في عزيمة الأبطال…
فوالله تتأجج نار الحماسة فينا؛ لتزيد من شوقنا للثأر لإخواننا الذين سبقونا للشهادة.
تستعر الحرب، وندك حصون العدو فتشتعل النيران في دباباتهم وذخائرهم ويعلو الدخان الكثيف، الطيران المصري بنسور مصر الأماجد ينطلق كالبرق الخاطف، كالسهام الفتاكة للداخل لتلقي بالحمم على مواقع العدو في الخطوط الخلفية للعدو فتعلو النيران إلى عنان السماء.
وفي أثناء الاشتباكات، ومن بين الدخان يخرج من بعيد جندي يرتدي أفارول لونه أخضر أو زيتي، وكان الزي العسكري المصري في حينها الكاكي والكاكي فقط.
إذن الجندي المتجه نحونا إسرائيلي، لكنه يرفع راية بيديه ويصرخ بنداء غير واضح أو مفهوم؟؟!!
أخذنا نتسمع، سمعناه يقول: أنا مصري….. أنا مصري….. أنا طيار مصري. اتجه إليه ثلاثة جنود هم سعيد عبدالعليم وإبراهيم الدسوقي من الشرقية ومحمد السنوسي عبدالنعيم، من قرية مشطا، طما سوهاج.
فتأكدنا أنه طيار مصري، أخذناه بالأحضان ورحنا نخفف عنه الصدمة فقال:
إيه الحكاية يا رجالة؟؟ ولو فُرِض إني مت شهيد فيها إيه؟؟
أنا مش أحسن من اللي سبقوني وضحوا بحياتهم..
سلمناه للقائد ليعود لقاعدته ليعيد الكرة بطائرة أخرى.
على اليسار مني عربة (زل) تحمل عن آخرها ألغامًا للدبابات والأفراد لزرعها مستقبلًا أمام خطوطنا.
يتقدم نحو دبابتي محمد السنوسي ليشرب بعض الماء ثم يتجه نحو عربة الألغام ليرى الألغام..
وقبل أن يصل إليها تسقط دانة مدفع معادٍ فوق العربة، ويا.. لهول ما رأينا ويا ليتنا ما رأينا………. انفجرت جميع الألغام تناثرت العربة بكل ما فيها وكان بها السائق وجندي آخر، لم نجد منها….. ولاحول ولاقوة إلا بالله… إلا قدمين…… داخل البيادة.
تنتاب محمد السنوسي حالة هستيرية وعصبية يجري يمينًا ويسارًا للأمام وللخلف وهو يتمتم بكلمات غير مفهومة.
يأمرنا قائد السرية أن نمسك به، بعد أن كان يتجه نحو العدو مباشرة.
وظل يهدئ من روعه.. لقد كان أقرب الجنود من عربة الألغام..
صدر الأمر بالتوقف خلف التلال حتى تأتينا تعزيزات أسلحة إضافية.
يخرج حكمدار الدبابة ليقضي حاجته….. هنا حدث ما لم يكن في الحسبان!!!
الثالث عشر من أكتوبر (اليوم الثقيل):
في فجر يوم13 أكتوبر صدرت الأوامر بالاستعدادات الكاملة باستكمال ما نقص من ذخائر، ونفذت الأوامر على الفور وحدث في الجبهة هدوء غريب كأنه السكون الذي يسبق العاصفة.
وبعد الظهر جاء الأمر بالتحرك شمالًا (أي على يمين ممر الجدي) وأصبحت الدبابات في قول أي طابور طويل..
وقبل العصر بقليل، جاءني الزميل محمود أبو سريع مهدي، من دبابته التي خلف دبابتي، وكنا على سطح الدبابة وقال: ما تيجي ناكل..
أحضرنا التعيين الجاف: فتحت علبة أرز باللحمة وهو مثلي، هممت برفع باقي التعيين، إذ به يقول: مناكل تاني احنا عارفين حناكل تاني أم لا؟ عُدت للأكل مرة أخرى.
وفي أثناء الأكل قال محمود: أحمد…
قلت: نعم.
قال: اقرأ الفاتحة.
قلت: فيه إيه يا محمود؟؟
قال: بس اقرأ الفاتحة.
قرأنا الفاتحة ثم سألته: إيه الحكاية بالضبط؟؟
قال: أنا شايف إن لما واحد يستشهد، الزملاء شايفين إن حاجته حرام حد يأخذها أو يستعملها.
قلت: صحيح.
قال: احنا قرينا الفاتحة علشان لو استشهدت مش مسامحك لو ما أخذتش أي حاجة ليها فايدة معاك من مهماتي؟ لأني أنا وأنت واحد..
قلت: وأنا نفس العهد ونفس الكلام والله شاهد على كلامنا.
قال: بس أطلب منك طلب؟
قلت: اطلب أي حاجة يا محمود.
قال: لو استشهدت، أرجوك تروح بلدنا، وأنا معرفهم بيك، وتدي أبوي الساعة بتاعتي والبطاقة.
قلت: ونفس الكلام دا لأبوي يا محمود؟
تناولنا طعامنا وقرأنا الفاتحة وتصافحنا بالأحضان وكأننا نودع بعضنا، وعاد لدبابته لأننا أكلنا فوق دبابتي، وما هي إلا لحظات وجاء الأمر بالتحرك للأمام تجاه العدو.
فتحنا تشكيل قتال (يكون الجنود والدبابات في صف وعلى مسافات متساوية وسرعة متماثلة) وتقدمنا..
صعدنا تبّة مرتفعة بزاوية 45 تقريبًا سرنا حتى وصلنا لقمتها ثم أخذنا في النزول من جهة العدو.
في هذه الحالة تكون الدبابات مكشوفة تمامًا ومن السهل اصطيادها وهذا ما حدث بالفعل.
انهالت علينا دانات المدافع وطلقات الدبابات من مسافات بعيدة، ونحن مازلنا في النزول ولا نجد ساترًا يخفينا عن العدو، واشتبكنا ونحن في النزول لا يكون مضبوطًا بأية حال واستمرت الاشتباكات على هذا الوضع ما يقرب من ثلث الساعة، والدقيقة في الحرب تعني الحياة أو الموت، وصلنا أسفل التبة وإذ بنا في وادٍ تمتد أرضه أمامنا بارتفاع بزاوية 35 درجة تقريبًا بطول ما يقرب من ثلاثة كيلو مترات.
هنا ولأني الرامي (الذي يرمي العدو بالصواريخ والمدفع والكلاشنكوف) وبصفتي أعلى نقطة في الدبابة أرشدت السائق أين يقف لتكون المجنزرة مختفية وفي نفس الوقت أستطيع أن أشتبك مع العدو.
نظرت من المزغل (الفتحة) عن يميني فرأيت إحدى دباباتنا ينبعث منها الدخان،
ونظرت عن يساري فوجدت أخرى يخرج منها الدخان؟؟
تساءلت في نفسي ماذا حدث؟؟؟ لست أدري ماذا يحدث؟!!! سبعة أيام في الحرب، ونحن ندك الحصون، ونذيق إسرائيل كئوس العذاب فما لهذا اليوم تنقلب فيه الموازين!!!
أسئلة حائرة لا أجد لها جوابًا!!
ومع الحيرة والاستغراب، يستمر القتال بلا هوادة، وتظهر في لحظة أمامي عربة (جيب) من عربات العدو وهي التي تحمل القادة.. تمر أمامي في مسار أفقي مما يجعلها سهلة المنال.
أبلغت الملازم أول/ مصطفى محمد إبراهيم قائد الفصيلة وتعاملت معها فدمرتها بإصابة مباشرة، قفز منها راكبوها فأصليتهم نارًا بالمدفع الرشاش الثقيل الكلاشنكوف، ثم أبلغت سيادة الرائد/ محمد عبدالله النوبي قائد السرية.
فأبلغ بدوره سيادة العقيد محمد جمال الدين قائد الكتيبة الذي قال على الفور: يرقى الجندي الذى نفذ هذا للرتبة الأعلى..
أبلغني قائد السرية بالترقية، فقلت شكرًا يافندم، سمعت سيادة العقيد شكرًا يافندم
وبعدها بدأت الشمس تقارب المغيب لكني من هول ما أرى حولي من دخان ينبعث من الدبابات عن يميني وعن يساري… كنت حريصًا ألا أصاب من العدو فكلما كادت أية دبابة معادية أن تظهر أتعامل معها قبل أن تأخذ وضع الضرب تجاهي.. لذلك كانت تعود أدراجها، أو تصاب..
وما لا يعرفه الكثيرون: إن الدبابة الواحدة كانت تأخذ موقعين أو ثلاثة لتضربنا منهم، وقد تسأل: كيف ذلك؟
أجيبك:
الإسرائيليون أعدوا مواقع خرسانية للدبابات الرابضة تعرف باسم مصاطب الدبابات فتتحرك الدبابة افقيًا، حتى تصل موقعًا تدخل فيه رأسيًا لتواجهنا وتشتبك معنا، ثم ترجع للخلف وتتجه لموقع آخر وهكذا فنتوهم أن عدة دبابات تتعامل معنا، في حين أنها دبابة واحدة لها مكانين أو ثلاثة، الآن طرق شديد على البرج فوق رأسي!!
ما هذا؟ يستمر الطرق الشديد!!!
فتحت باب البرج فوجدت أحمد حامد حكمدار المجنزرة، يقول: كفاية ضرب واطلع من الدبابة.
قلت: ليه؟
قال: يا عم محدش بيشتبك ويضرب غيرك.
قلت: وإيه يعني لو ماضربتش سأُضرب أنا.
قال: يا أخي انزل كفاية أنت كدا بتكشفنا.
نهضت وخرجت من البرج واقفًا باعتبار أن الليل حل والضوء أمسى ضعيفًا والعدو لا يراني..
لكني كنت واهمًا، ما هي إلا أجزاء من الثانية وإذ بطلقات الجيرينوف الإسرائيلي تنهمر بكل اتجاه من حولي، قفزت كالبرق الخاطف إلى الأرض وزحفت للأمام نحو جنود المشاة المرابضين في المواجهة أمام الدبابات.
وصلت للجنود أمام دبابتي لأجد سيادة النقيب عثمان من أبناء المنيا وهو يطوف بالجنود يشد من أزرهم ويهون عليهم ما تعرضوا له اليوم.
فقلت له: إيه اللي حصل يافندم؟ دبابات كتيرة مضروبة منا؟
قال: هي الحرب كدا لكن إن شاء الله كله يتعوض وكله يهون وهنديهم درس في الشجاعة والصبر وهنقضي عليهم كلهم إن شاء الله.
ساد الجبهة سكون رهيب مليئ بالأسى والألم، لما أصابنا في هذا اليوم المفجع القاسي الطويل، نظرت إلى دبابتي من خلفي فوجدت الرائد النوبي يتفقد الدبابات
ثم يقول فين طقم الدبابة دي؟؟؟
قمت مسرعًا: أنا اديني يافندم وهرولت نحوه، أيوه يافندم.
قال: مين معاك في الدبابة دي؟
قلت السائق محمد الشهاوي من دمنهور وأحمد حامد حكمدار يافندم.
وسار تجاه الدبابة التي عن يميني، وكان طاقمها مكونًا من السائق علي موسي (من أسوان) ويعمل مدرسًا والحكمدار الرقيب إسماعيل (من الإسكندرية) متطوع والرامي أخي العزيز محمود أبو سريع مهدي (من قرية شبلنجة/ بنها) مؤهلات ولا يعمل.
قال: تعالى معايا يا أحمد.
سرت معه ونظرت لمجنزرة من الخلف فوجدت الأبواب فتحت عنوة وكذلك الأربعة أبواب العلوية وقد تفجرت جراكن المياه لتختلط بالتعيينات والذخائر فتمتلئ أرضية الدبابة بالمياه المختلطة بالدماء التي لا نعرف مصدرها من أي الأشخاص حتى الآن.
قال: ادخل شوف عاملين إيه؟؟؟
دخلت من الخلف فرأيت الشهيد البطل محمود أبو سريع محشورًا بين البرج وجدار الدبابة ويحاول الخروج للخلف والدماء تغطي وجهه، نعم إنه الشهيد البطل محمود أبو سريع مهدي، الدماء تغطي وجهه، أخي الغالي الذي تعاهدنا معًا على الوفاء بالوصية، يمد يديه وهو لا يراني، يبحث عني لأخرجه مما هو فيه.
صرخت بأعلى صوتي: محمود… محمود… محمود.
لكن صوتي لم يغادر حنجرتي؛ لأني مختنق تمامًا من هول ما رأيت لأعز الزملاء والأصدقاء.
أمسكت بيديه….. جذبته نحوي… ساعدني الرائد محمد عبدالله النوبي ـ قائد السرية.
أخرجناه من المجنزرة وقد فارق الحياة وفاضت روحه الطاهرة إلى رحاب الله.
جاء إلينا الجندي يوسف حلمي والمساعد عبدالغفار للمساعدة.
سألنا الرائد: هل يعرف أهله أحد؟؟؟؟
قلت: أنــا يا فندم.
قال: شوف حاجاته وخليها معاك.
وضعت يدي في جيوبه فأخرجت منها البطاقة وخطابًا كتبه لوالده وأهله ولم يرسله ومبلغ (160) قرشًا، وأخرجت الساعة من معصمه.. لأنفذ وصيته.. وعدنا لداخل الدبابة لنجد الباشويش (أربعة أشرطة على عضده) إسماعيل حكمدار الدبابة وهو من الإسكندرية يجلس على مقعد الرامي وعينيه على التلسكوب ينظر تجاه العدو وقد انتقلت روحه إلى الرفيق الأعلى.
أخرجناه من الدبابة وعدنا لنرى سائق الدبابة ويا لهول ما رأينا!!!
الجندي البطل/ علي موسى ــ معلم الأجيال (مدرس) ابن أسوان، ممددًا على كرسي السائق وكرسي الحكمدار الذي خلفه جسده بلا رأس…
أين رأسك يا معلم الأجيال؟
أين رأسك أيها البطل الشهيد؟
أين رأسك يا أخي لأقبلها؟
بل يقبلها كل مصري يعرف معنى التضحية والفداء…
أخرجناه من المجنزرة وعلى سطحها تناثرت الرأس أجزاءً لا نستطيع جمعها من صغرها…
يا إلهي!!!! ماذا نقول وماذا نفعل؟؟؟؟؟؟
قال الرائد النوبي: يا أحمد.
قلت: نعم يا فندم.
قال: احملوا الشهداء الأبطال إلى دبابتك، وعُد بهم لمؤخرة الكتيبة، فهناك فرق للإسعاف، وفرق لحمل الشهداء إلى الأماكن المخصصة لهم.
وضعنا الشهيد محمود أبو سريع مهدي في غرفة المشاة، والشهيد إسماعيل في الغرفة الثانية.
المجنزرة لها بابان من الخلف ومقابل كل باب غرفة تسع لأربعة جنود جلوس.
ووضعنا الشهيد علي موسى وهو ملفوف ببطانية على سطح الدبابة وجلست على سطح الدبابة أحتضنه بذراع حتى لا يسقط من فوقها وأمسكت بيدي الأخرى حافة البرج حتى لا نسقط أنا والشهيد، وأمرت السائق الجندي محمد الشهاوي وهو من أبناء دمنهور أن يعود للخلف دائمًا (لا يسير بمقدمة الدبابة وإنما بمؤخرتها) حتى نصل لمؤخرة الكتيبة.
سارت الدبابة ببطء شديد وكأنها سلحفاة واستمرت هكذا حتى وصلنا لفرق الإسعاف, وهناك رأينا ما لم يخطر على البال، بعد أن عدت بالشهداء إلى المؤخرة، هناك وجدت جنودًا وما أكثرهم، يستقبلوننا بالأسئلة المتتالية
فيه إيه؟
مين معاك؟
مصابون أم شهداء؟
أجبتهم: معي ثلاثة شهداء.
قالوا: رحمهم الله، تعالى خلفي.
وبعد مائة متر وجدت مجموعة أخرى، صعد أحدهم فوق العربة الزِّل (تشبه نصف النقل) وصعدت معه.
رفع الباقون الشهداء إلينا وأرحناهم على السيارة التي ستنقلهم إلى مقر الشهداء وقد أخذوا مني كل بياناتهم، الاسم ثلاثيًا، الرتبة، البلد التي يعيشون فيها.
عدت والسائق لموقعنا وقام الرائد النوبي بتفقد السرية بكاملها ليجد أن الدبابات التي أصيبت أو دمرت يبلغ عددها 17 مجنزرة من أصل 35 مجنزرة قوة السرية كلها، وإصابات متعددة في الرماة والحكمدارية والسائقين.
كان يومًا كأنه الدهر ثقيل.. ثقيل.. ثقيل.
عادت باقي الدبابات والأفراد من هذا المكان المشئوم ليلًا إلى موقع آخر.
مرت الأيام علينا ونحن في أشد الألم لما ألمَّ بنا، انتظرنا إمدادات أخرى والاشتباكات لا تنتهي ونحن في مدّ وجزر، العدو يضرب بالمدفعية من مسافات بعيدة ويخشى الاقتراب، ونحن في موقعنا في انتظار الإمدادات اللازمة نظرًا لما أصابنا في الأسلحة والأفراد، وظل الحال هكذا خمسة أيام كأنها سنوات عجاف، وفجأة نظر أحد الجنود للسماء وقال: انظروا لأعلى!!
نظرت للسماء فرأيت طائرة استطلاع أمريكية.. وما هي إلا لحظات، وانهالت علينا قذائف المدافع من مسافات بعيدة، مفاجأة أفقدتنا التوازن ونحن ننتظر التعزيزات.
خرج أحمد حامد من الدبابة ليرى ما يحدث.
قلت له: ادخل الدبابة واحتمي من الشظايا.
وهي عبارة عن قطع حديد مختلفة الأحجام والأشكال عبارة عن جمرة من النار ناتجة من انفجار الدانات ـ طلقة المدفع أو الدبابة.
قال: هو فين الموت؟ احنا لو هنموت كنا موتنا.
وما إن أكمل قوله إلا وسمعته يقول.. آخ.. اُصِبتُ وجاء للدبابة فوجدته يضع يديه على صدغيه ويديه مخضبة بالدماء.
في لحظتها قلت له: وأنا أصبت في يدي اليمنى.
وللعجب أن الشظية التي أصابتني دخلت من مزغل فتحة لا يتعدى قطرها ثلاثة سنتيمترات.
خرجت مسرعًا من المجنزرة لأني الوحيد فيها ولا نملك الاشتباك لبعد المسافة ولأننا لا نرى أي عدو أمامنا؛ لهذا خرجنا من الدبابة، ويا ليتني ما خرجت، لم أبتعد عن الدبابة وإذ بطلقة مدفع تنزل على بعد مائة متر مني، ارتميت أرضًا, وضعت ذراعيّ حول رأسي، أحسست بجسم يضربني في ركبتي، نهضت متجهًا نحو دبابة (تي 54) ـ وهي دبابة ثقيلة دروعها سميكة جدًا وكذلك جنازيرها وتحتها يحتمي الرفاق من الشظايا، وصلت للدبابة الثقيلة فيخرج من تحتها الأخ الغالي رأفت ابن عم الشهيد علي موسى ابن أسوان، فيرى الدم يسيل من يدي قال: وريني إيدك.
قلت له: بسيطة إن شاء الله، أنا حاسس إن فيه حاجة في رجلي.
قال: فين؟
قلت له: اليمين عند الركبة.
نظر فوجد جرحًا لم يره جيدًا، فمزق رجل البنطلون ليراه ويضمده أو يربطه برباط ميدان ورباط الميدان عبارة عن شاش معقم وعليه مراهم معدة للجروح وما إن رأى الجرح حتى أعرض ونظر بعيدًا، مما يفيد بأن الإصابة كبيرة، لكنني وحتى هذه اللحظة لم أشعر بألمها..
فقلت له: اربطها وخلاص يا رأفت فنهض ليحضر شنطة الإسعافات من دبابته وبسرعة فتحها ليجدها شنطة العدة (المفاتيح بأنواعها المختلفة) تنرفز وألقاها على الأرض وعاد وأحضر شنطة الإسعافات، لفّ الرباط على ركبتي وآخر على يدي، وهنا خرج الشاويش حسين جبر وهو من أبناء (المنوفية) وقال: أنا هشيلك وأرجع بيك يا أحمد.
فقلت له -والله شهيد على ما أقول-: لا والله لن تتحرك لحظة أو خطوة من هنا خليك مع الأبطال، وأنا هرجع ولو من نصيبي أي شيء هيحصل.
أخذت أسير للخلف تاركًا الرفاق، وأمامي تبَّة مرتفعة بزاوية 50 درجة وهو عبارة عن رمال ناعمة تضع قدمك للأمام فتعود مرة أخرى للخلف نظرًا للارتفاع واستمر صعودي وكأني أحرث في بحر أو أجري في مكاني، وقبل بلوغي نهاية ارتفاع التبةـــ إذ بصاروخ يرشق في التبة عن يميني بعد أن اخترق الصاروخ التبة الرملية على يميني بأمتار ولأنها رمال سائبة تعمق فيها فلم يحدث أثرًا بي أو بالآخرين، أدركت نهاية التبة فوضعت الرجل المصابة فوق السليمة، دفعت الرمال للخلف باليد السليمة لأهبط التبة على الرمال حتى وصلت للأرض المستوية ولما وصلت لأسفلها، وجدت الرائد (محمد عبدالله النوبي) قائد السرية ومعه كوكبة من الجنود البواسل هرولوا إليَّ ومعهم سيادة الرائد قال: ارفعوه وأحضروه بجوار السيارة.
وضعوني فوق نقالة وسألني الرائد: الدبابة تدمرت؟؟
قلت له: لا يا فندم.
قال: أمال أصبت إزاي وأنت فيها؟؟؟
قلت: يا فندم الشظية دخلت من المزغل وأصابتني في إيدي، فخرجت من الدبابة فأصبت في ركبتي وقدمي من الشظايا.
قال: معقول الشظية دخلت من المزغل؟؟!!
قلت له: هذا ما حدث يا فندم.
قال: اخلعوا الطبنجة من القايش وهاتوها.
فلما فكوا القايش من وسطي, أخرجوا الطبنجة من جرابها.. بكيت، أقسم أني بكيت، فسألني الرائد النوبي: بتبكي ليه؟
قلت: يا فندم ما كونتش أتمنى تتاخد الطبنجة من وسطي، وكان أملي أبقى معاكم حتى النهاية.
فربت على كتفي وقال: هترجع تاني بالسلامة واحنا في انتظارك.
أمر أربعة جنود يحملوني بالنقالة إلى سيارات الإسعاف التي خلف التبة التي تبعد نصف كيلو متر عن المكان، سلموني لسائق الإسعاف وأنا ممدد فيها، وجاء معي أحمد حامد الذي لفّوا له رباط الميدان حول إصابته في جانب وجهه أسفل ذقنه.
عبرت بنا السيارة إلى الجانب الغربي للقناة وسارت بنا حتى وصلنا إلى دشمة طبية في منطقة عجرود وهي منطقة بين عبيد والسويس، وعبيد هي المنطقة التي عقدت فيها اتفاقيات وقف إطلاق النار فيما بعد، وعجرود تبعد 16 كيلو متر عن عبيد وأنت متجه نحو القاهرة وكان معنا في الإسعاف جندي من الجيزة اسمه إبراهيم إصابته طفيفة، استندت عليهما (أحمد حامد وإبراهيم) ودخلنا الدشمة الطبية فوجدنا بها أربعة عشر مصابًا، وضعوني على سرير ممددًا وكل منهما نام على سرير في انتظار الأطباء والعلاج وحولنا آهات الألم وصرخات الموت من إخواننا.
كانت تلك حكاية بطل.. عضو جمعية أصدقاء المحارب يحمل عضوية رقم 142

معلومة تهمك

تنبيه هام، المنشور يعبر عن رأي الكاتب ويتحمل مسؤوليته، دون ادنى مسؤولية علي الجريدة

تنبيه

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

معلومة تهمك

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

%d مدونون معجبون بهذه: