بصلاح القلب تستقيم الجوارح
بصلاح القلب تستقيم الجوارح
بقلم / محمـــد الدكـــروري
ينبغي علينا ضرورة إختيار الصديق قبل الطريق، وضرورة العمل بجانب الدراسة، والاستماع إلى نصيحة الوالدين لأنهم دائما أدرى بالمعرفة أكثر منا وأكثر خبرة عنا، وكذلك ضرورة التعاون بين الأصدقاء، وكذلك ضرورة الاخلاص والوفاء بين الاصدقاء، والتمسك بالصديق الوفي والمخلص، فإن من الأخلاق الجميلة، والخصال الحميدة، التي أمر الله بها ورغب فيها الوفاء بالعهود، والوفاء بالعهد ضد الغدر والكذب والخيانة، وفي الوفاء بالعهود تآلف القلوب وتقوية الأواصل بين الأمة المسلمة، وإثبات محاسن الدين وفضائله لغير المسلمين، ليعلموا هذا الدين حقا وما اشتمل عليه من أخلاق وفضائل، وإن بصلاح القلب تستقيم طاعات الجوارح القولية والفعلية وتقبل، وبفساده تفسد، احرصوا شديدا على تنقية قلوبكم من الحقد والغل.
وجاهدوا أنفسكم على إزالة الضغائن والشحناء، وأبعدوا عن أنفسكم الحسد وأخرجوه، فهي أمراض تضعف إيمان القلب وصحته، وتورث الأوزار والهموم، وتجر إلى ذنوب كبائر، وتتلف الأعصاب، وتجلب الضيق والكدر والأرق، وتزيد من الغضب، وإنه لا أروح للمرء، ولا أطرد لهمومه، ولا أقر لعينه، من أن يعيش سليم القلب، قد فارقته أثقال الضغينة، وزالت عنه نيران الأحقاد، وابتعد عنه سُمّ الحسد وشرره، وليس أمرض للقلب، ولا أتلف للأعصاب، ولا أشغل للذهن، ولا أوجع للنفس من أن يمتلئ القلب حقدا، ويكتظ الصدر كرها، وينتفخ صاحبه نفرة وشحناء، وإن من صالح أعمال أهل الإيمان من المتأخرين وأفضله وأبركه عليهم سلامة صدورهم لمن سبقهم من المؤمنين، مع دعائهم ربهم أن لا يجعل في قلوبهم غلا لهم، ولقد كانت الشحناء.
معلومة تهمك
وهي حقد المسلم على أخيه بغضا له لهوى نفسه، مِن الذنوب المانعة عن المتشاحنين المغفرة في أوقات المغفرة والرحمة، وإن الشيطان قد أيس من أهل الصلاة أن يدخلهم في عبادته، ولكنه لم ييأس أن يدنس إيمانهم، ويضعف أجورهم، ويزيد في ذنوبهم بالتحريش بينهم، وإحلال الشحناء والبغضاء في قلوبهم، حتى ينفر بعضهم عن بعض، ويكيد ويمكر أحدهم بالآخر، بل إن الشحناء قد أسقطت أقواما في أشنع وأكره وأوسخ أوحالها، ففصلت بين الوالدين وأولادهما، وبين الشقيق وشقيقه، وبين المرأة وأهلها، وبين الزوج وزوجه، وبين الزوجة وأهل زوجها، وبين أبناء العمومة، وبين ذوي الأرحام، وبين الجار وجاره في البيت أو المتجر أو الوظيفة، وبين الشريك وشريكه، وبين الرفقاء والأصحاب، فتباغضوا، وتقاطعوا، ونالوا من عرض بعض، وكادوا لبعض، وفضحوهم.
فإن من أسباب ذهاب الشحناء والتباغض والغل والحقد عن القلوب، وحلول الود والألفة والتآلف، هو التخاطب بالكلام الحسن اللطيف مع الخلق على اختلاف مراتبهم ومنازلهم، لأن الشيطان يسعى بين العباد بما يفسد عليهم دينهم ودنياهم، ومن الأسباب أيضا هو إفشاء السلام على القريب والبعيد، من عرفت ومن لم تعرف، ومن الأسباب أيضا هو التهادي بين بعض، وصنع المعروف لبعض، ومن الأسباب أيضا هو إبعاد النفس عن الغضب، وتذكيرها بفضل كظم الغيظ، وتحليتها بالحلم والأناة، إذ الغضب مفتاح الشرور، وعنه يتولد الغل والحقد والحسد، ومن الأسباب أيضا هو ترك المراء والجدال حول المسائل والوقائع والأحداث، حتى ولو كان المتكلم محقا، لأن ذلك قد يجلب تعصب الإنسان وتعنته لما يقول ويختار، ورفع الصوت على مجادله، وتحقير رأيه، فيظن أنه يستصغره ويجهله، وهذا يثير الحقد والكراهية، ويذكي الشحناء، ويولد النفرة.
تنبيه هام، المنشور يعبر عن رأي الكاتب ويتحمل مسؤوليته، دون ادنى مسؤولية علي الجريدة
تنبيه