الطريقة الكركرية والسلام النفسي

الطريقة الكركرية والسلام النفسي

بقلم / محمد سعد شحاتة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد
لقد انتشرت في كثير من البلاد الطرق الصوفية وكل طريقة تتخذ ورد لها من الأذكار اليومية ليتقرب المريد إلى الله تعالى من خلال الذكر والعمل والأخلاق الحميدة ومن هذه الطرق التي انتشرت حتي وصلت إلى أمريكا الطريقة الكركرية فما هي الطريقة الكركرية
الطريقة الكركرية طريقة صوفية تربوية للنفس البشرية للارتقاء بها إلى مقام الإحسان حيث يجمع المريد فيها بين عبادة الله جل جلاله وبين الشهادة لنور الله جل جلاله فيكون في قول سيدنا المصطفى صلى الله عليه وسلم (أن تعبد الله كأنك تراه )
أي أنك تعبد الله وترى بعينك شهادة ويقينا لا مراء فيه مَثلَ نور الله جل وعلا قال تعالى : ( الله نور السموات والأرض ) .
وفي حوار سماحة الشيخ بتاريخ: 22 أغسطس 2022 للجريدة الإلكترونية المغربية الوطنية بريس عندما سئل شيخ الطريقة الكركرية الشيخ محمد فوزى الكركري
ما الأسس التي ترتكز عليها الزاوية الكركرية ؟
تحدث عن شعار الطريقة: الله.. الوطن.. الملك
فالله ‏هو الاسم الجامع الدال على الذات وهو الجامع لكل الأسماء ومنه انشقت الأسماء والصفات وهو الذي عليه الذكر والدراسة في الطريقة
وأما الوطن فحبه يجري في دمه ولا ينساه لهذا ساح فيه عشر سنوات مشيا على الأقدام ويعرفه قرية قرية ومدينة مدينة من طنجة إلى لكويرة .
وعند حديثه عن الملك ذكر أنه لا يراه كما يراه العامة
بل يراه تجلٍ للحق سبحانه وتعالى ‏على خلقه وما هذا إلا لسر ويفتخر بملك البلاد لكونه من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم فحبه فرض.

ويعود اسمها ( الكركرية) إلى جبل كركر بجماعة أفسو
أول شيوخها هو الشيخ أحمد العلوي المستغانمي قدس الله سره الذي ينحدر من مدينة مستغانم الجزائرية حيث يوجد مقامه حاليا وإن ثاني شيوخها هو الشيخ الطاهري الكركري قدس الله سره الذي ينحدر من جبل كركر.

مقر الطريقة الكركرية الرئيس بالزاوية ( مسجد ) في مدينة العروي شمال المغرب
ولها موقع إلكتروني يزوره الآلاف من الزائرين يوميا من جميع أنحاء العالم وصفحات رسمية باسمها واسم شيخها على مواقع التواصل الاجتماعي.
ولها مقرات فرعية في الدول التى بها مريدون كركريون والذين تتعدد لغاتهم ولهجاتهم بتعدد الدول والأقاليم التي ينتمون إليها فهم من العرب الناطقين بالعربية ومن غير الناطقة بها.
وقد انتشرت الطريقة في إفريقيا وآسيا وأمريكا حتى وصلت الصين وكندا ويتعدى المنتمون إليها المليونى مريد على مستوى القارات يظهرون أعمال وجهود الشيخ الدولية كشبكة من المريدين من دول وثقافات ولغات عديدة من خلال الحضور النشط على منصات التواصل الاجتماعي والمشاريع الإنسانية الدولية.

وسند الطريقة ومنبعها الذي تتشرب منه علمها وسلوكها موصول بسيدنا المصطفى صلى الله عليه وسلم فهي طريقة ذات أصل ومنبع إلهي وليست من هوى النفس وأفكار العقل فنحن أمة سند يقول عَبْد الله بن المبارك رضي الله عنه : ( الإسناد من الدين ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء )
ولهذا السند الكركري برهان وعلامة وإشارة لا تزيغ عنها عين الصدق وهو النور وهذا النور هو نور المصطفي صلى الله عليه وسلم الذي استقاه من ربه عز وجل بالروح القدس
وأحاديث النور كثيرة منها الحديث المروي عن سيدنا جابر بن عبد الله رضي الله عنه حين سأل صلى الله عليه وسلم ( أول شئ خلق الله تعالى ما هو؟ فقال: نور نبيك يا جابر خلقه الله ثم خلق منه كل خير )
فالطريقة الكركرية كما قال الشيخ طريقة المشاهدة
وإثبات النور للمصطفى صلى الله عليه وسلم
تقول عنه أمنا السيدة عائشة رضي الله عنها ( كنت في حجرتي أخيط ثوباً لي فانكفأ المصباح وأظلمت الحجرة ، وسقط المخيط أي الإبرة ، فبينما كنت في حيرتي أتحسس مخيطي إذ أطل علي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بوجهه من باب الحجرة رفع الشملة وأطل بوجهه قالت : فوالله الذي لا إله إلا هو لقد أضاءت أرجاء الحجرة من نور وجهه حتى لقد التقطت المخيط من نور طلعته ثم التفتُ إليه فقلت : بأبي أنت يا رسول الله ما أضوأ وجهك! فقال: ( يا عائشة الويل لمن لا يراني يوم القيامة )
‏ قالت : ومن ذا الذي لا يراك يوم القيامة يا رسول الله ؟ قال: ( الويل لمن لا يراني يوم القيامة ) ، قالت : ومن ذا الذي لا يراك يوم القيامة يا رسول الله ؟ قال: ( من ذكرت عنده فلم يصل عليّ ) .
والطريقة الكركرية حية ومتجددة بتجدد العصر لأن مؤسسها يعيش بين أيدينا يعاصر ما نعاصره ويرى ما نراه فليس بيننا وبينه سنوات زمنية ضوئية أو مكانية فهو لا يكف عن زيارتنا والالتقاء بنا والتودد والتحدث إلينا ومعرفة أحوالنا على كبر سنه وعلو مقامه الشريف.
وكل من بايع الشيخ رأى هذا النور الذى رأته سيدتنا عائشة رضي الله عنها نور المصطفى صلى الله عليه وسلم
والمريد في الطريقة الكركرية مع سلوكه فى طريق الله يحوز من المعرفة المطلقة معرفة الله جل جلاله نصيبه بحسب همته وطاقته ويتذوقها تذوقا فريدا ولا يتم ذلك له إلا باتباع شرائع الإسلام من القرآن والسنة النبوية المطهرة وليس بالخروج على مقدسات الدين وضروراته وكذلك باتباع الشيخ المربي صاحب الرسالة والطريقة في هذا الدرب وفق ما يمليه على المريد من إرشادات ونصائح مع الإلتزام بالكتاب والسنة في كل حال وزمان ومكان والتى أتى بها نبي الرحمة من رب العزة جل جلاله
قولا وفعلا وتقريرا ليس عبثيا أو بدون باطن ملكوتي بل بسر خفي منحه الله للعبد الصالح هو الوجه الآخر للظاهر من العبادة يمثل قبضة رحمانية جمالية رحيمية تجمع العباد إليه حبا ومعرفة للفناء فيه جل جلاله
‏وفناء عن سواه فإنه غيور ليس له شريك في ملكه ولا في قلب عبده المؤمن.
وتكمن براعة ومهارة الشيخ المربي في وصف الدواء الشافي لكل نفس على حدة، باختلاف بين البشر لاختلاف أنفسهم وأرواحهم أجسادهم بعلم من الله ألهمه إياه دون غيره.
وليست طريقتنا طريقة جذب فقط من دون علم أو هي فصل عن الواقع بلا عمل أو سعي على الأرزاق لا
بل جذب وسلوك في المعرفة الإلاهية ودروب الحياة بكل تفاصيلها فلا ينقطع المريد للتعبد بالانعزال عن المجتمع بل هو انخراط فيه لتبليغ رسالة النور ونشر خُلق الرحمن والفناء في الله بالتصوف الاسلامي والزهد وبيع النفس والدنيا .
فالمريد في طريقتنا فان وباق في ذات الوقت
يجمع بين الفناء والبقاء وقد يراه العقل نقيضين في ذات المريد، لكن الفناء عند المريد هو فناء في الله
‏ وهذه هي الغاية العظمى للطريقة؛ التحقق بمعرفة الله شهودا ومشاهدة قلبية بمحق وسحق النفس وصورها وماضيها وحاضرها من وجودها فلا وجود إلا لله.
وأما البقاء فهو بقاؤه مع شيخه، تلميذا يتعلم منه، ومريدا يتبعه، فيؤثر في مجتمه ويعامل الناس بخلق المصطفى صلى الله عليه وسلم حين قال عن نفسه: ( أدَّبَني ربِّي فأحسنَ تأديبي ) والتى يتربى عليها المريد في حضرة شيخه لنقلده قرآنا يمشي على الارض.

وتهدف الطريقة إلى نشر المحبة والسلام في العالم والبعد عن الصراعات والنزاعات فلا يشارك أتباعها في أعمال السياسة او الدعاء على الحكام والخروج عليهم أو كراهية الوطن وتخريبه وهذا من أثر علاقة المخلوق بالخالق والمريد بربه.
نحن نبدأ بالمحبة والسلام مع النفس نحو الله لنشره في الناس وتحرير النفس من قيود الهوى ليكون الإنسان حرا بالله وننظر الى انفسنا بعين النقص ولغيرنا بعين التعظيم لانه خلق وصنع الله يقول سيدى الشيخ محمد فوزى الكركري قدس الله سره
( استحقر نفسك وعظم غيرك ) فمن نظر إلى نفسه بعين النقص وإلى غيره بعين الكمال قلت عيوبه وكثرت حسناته وعظم نوره
رسالتنا لكل من رآنا أو سمع عنا وأنكر علينا دون أن يعرفنا عن قرب أن يطرح ظواهر الآثار جانبا الآن ويسبح في جوهر وأعماق ما ندعو إليه وما نحن عليه وليسمع لنا ويتبين حقيقة أمرنا ويتحرى الحدود الشرعية من العلماء الثقات ليكون حكمه عادلا وإن لم يؤمن بنا فهو مسئول أمام الله عما يفعل لأننا ندعو أنفسنا لمعرفة الله وليست لنا مطامع في أي شىء
وإلى لقاء قادم بإذن الله تعالى والتعرف على شيخ الطريقة الكركرية