نساء_من_أهل_القصص السيدة زينب بنت جحش 

قصص

نساءمنأهل_القصص السيدة زينب بنت جحش
كتبت:هدى بيبرس
أم المؤمنين السيدة زينب بنت جحش – صحابية جليلة – كان اسمها “بَرَّة” فسماها النبي صلى الله عليه وسلم “زينب”.
أمها أميمة بنت عبد المطلب بن هاشم – عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم – كانت زينب بيضاء جميلة إلى جانب أنها حسيبة نسيبة، فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخطبها لزيد بن حارثة، فغضبت زينب وقالت : أنا خير منه حسباً ونسباً أنا من قريش وزيد عبداً مملوكاً يباع في الأسواق !! فخرج رسول الله من عندها مغضباً. ونزل قول الله تعالى :” ماكَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا” [الأحزاب (36)]
فلما نزلت هذه الآية وسمعت بها زينب خافت من غضب الله ورسوله فقالت : أرضيته لى زوجاً يارسول الله.
والنبى صلى الله عليه وسلم حينما خطب لزيد إنما كان يطبق ماأعلنه الإسلام عن رأيه فى مقادير العباد مقاييس التفاضل بينهم، إذ جعل التفاضل فيما يعمر القلب ويسيطر على الوجدان من المبادئ والغايات، وفى صدق النظرة إلى الحياة والأحياء، قال تعالى : “يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ” [ الحجرات (13)]
تزوجت زينب من زيد ومكثت معه نحو عام، ولكنها كانت تشعر فى نفسها أنها تزوجت ممن لايساويها شرفاً ومقاماً، فكانت تتألم ولا تمنح زوجها المودة والرحمة اللتين أرادهما الله من الزواج، قال تعالى :” وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ” [الروم (21)]
فكان زيد يشكو لرسول الله مايفتقده من السكينة معها، ويرجو أن يأذن له فى فراقها فكان رسول الله يصبره ويقول له : ” أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ” [الأحزاب (37)].
ولما كان رضا زينب مجرد طاعة لله ورسوله وإرغام لها لما يدبره الله من تنفيذ شرعه فى عباده، عاشت زينب مع زيد مسلمة لأمر ربها إلا أنها استمرت تفهم فى نفسها أن زيداً ليس كفءا لها باعتبارها هاشمية قرشية، وبإعتباره كان عبدا ثم أعتق. والرسول يعلم يقينا أن أمر الله نافذ فسمح لزيد بطلاقها ليتزوجها بأمر من الله بعد إنتهاء العدة وذلك لم يكن لشهوة عارمة دفعته، ولا لهوى ملك عليه نفسه كما يشنع الأعداء وإنما كان :
لإبطال حرمة زوجة الابن المتبنى، وإعلان التسوية بين الناس وإزالة الفوارق
كانت السيدة زينب بنت جحش -رضي الله عنها- تحتل من المكانة العالية عند رسول الله ما جعل أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- تعترف بذلك، فكانت تقول عنها -رضي الله عنهما: كانت زينب هي التي تساميني من أزواج النبي، ولم أرَ امرأة قطُّ خيرًا في الدين من زينب، وأتقى لله، وأصدق حديثًا، وأوصل للرحم، وأعظم صدقة، وأشدَّ ابتذالًا لنفسها في العمل الذي يُتصدَّق به، ويُتقرب به إلى الله، ما عدا سورة من حدَّة، كانت فيها، تُسرع منها الفيئة.
ووصفها رسول الله بأنها أوَّاهة، فقال لعمر بن الخطاب: “إِنَّ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ أَوَّاهَةٌ”. فقال رجل: يا رسول الله، ما الأوَّاه؟ قال: “الْخَاشِعُ الْمُتَضَرِّعُ، {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ} [هود: 75]”.
وقد اشتركت -رضي الله عنها- مع النبي في غزوة الطائف بعد حنين، وغزوة خيبر، ثم حجة الوداع، وبعد وفاة النبي ظلَّت السيدة زينب بنت جحش -رضي الله عنها- محافظة على عهد رسول الله ، لازمة بيتها؛ ففي حجة الوداع قال رسول الله لزوجاته: “هذه ثُمَّ ظُهُورُ الحُصُرِ”، فكن كلهن يحججن إلا زينب بنت جحش وسودة بنت زمعة، وكانتا تقولان: والله لا تحرِّكنا دابَّة بعد أن سمعنا ذلك من النبي .
ظلت السيدة زينب -رضي الله عنها- جوَّادة كريمة بعد رسول الله ، متمسِّكة بالزهد، وعدم التعلُّق بالدنيا ومتاعها، فيُذْكَر أنه لما جاء العطاء عمر، بعث إلى أمِّ المؤمنين زينب بنت جحش -رضي الله عنها- بالذي لها، فلما دخل عليها قالت: “غفر الله لعمر! لغيرِي من أخواتي كان أقوى على قسم هذا منِّي”. قالوا: هذا كله لكِ. قالت: “سبحان الله” واستترت دونه بثوب، وقالت: “صبُّوه واطرحوا عليه ثوبًا”. فصبُّوه وطرحوا عليه ثوبًا، فقالت لبرزة بنت رافع: “أدْخلي يدكِ فاقبضي منه قبضة فاذهبي إلى آل فلان”. وآل فلان من أيتامها وذوي رحمها، فقسّمته حتى بقيت منه بقيَّة: فقالت لها برزة: غفر الله لكِ! والله لقد كان لنا في هذا حظٌّ. قالت: “فلكم ما تحت الثوب”. قالت: فرفعنا الثوب فوجدنا خمسة وثمانين درهمًا، ثم رفعت يديها، فقالت: “اللهم لا يدركني عطاء لعمر بعد عامي هذا”. قالت: فماتت رضي الله عنها.
تُوفيت أم المؤمنين زينب بنت جحش -رضي الله عنها- في خلافة عمر بن الخطاب في عام عشرين من الهجرة، وقيل: في عام واحد وعشرين من الهجرة، وهي ابنة ثلاث وخمسين سنة

تنبيه هام، المنشور يعبر عن رأي الكاتب ويتحمل مسؤوليته، دون ادنى مسؤولية علي الجريدة

تنبيه

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

معلومة تهمك

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

%d مدونون معجبون بهذه: