مشروعية العقوبات في الإسلام
مشروعية العقوبات في الإسلام
بقلم / محمــــد الدكـــروري
الحمد لله الذي بعث في الناس رسولا يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة، أحمدك يا رب على أن اخترت الرسول الكريم ليكون نورا للعالمين، ثم الصلاة والسلام على نبينا محمد الذي كان ضياء للسالكين، وقدوة للناس أجمعين، الذي كان صلى الله عليه وسلم لا يرضى لأحد أن يحتقر أو يسب أحدا من أصحابه أو يحتقره، ولو كان صحابيا مثله، فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رجلا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم كان اسمه عبد الله، وكان يلقب حمارا، وكان يُضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد جلده في الشراب فأتي به يوما فأمر به فجلد فقال رجل من القوم اللهم العنه ما أكثر ما يؤتى به فقال النبي صلى الله عليه وسلم ” لا تلعنوه ، فوالله ما علمت إلا أنه يحب الله ورسوله ” البخاري.
وفي ذلك دليل على أن الكبائر لا تخرج أصحابها من الإيمان وعلى حكمة النبي صلى الله عليه وسلم وحبه لأصحابه فإن المراد إصلاح المخطئ لا إقصاؤه وإبعاده فما أعظم شفقته على أمته، وحرصه على أصحابه، وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان يجتني سواكا من الأراك وكان دقيق الساقين فجعلت الريح تكفؤه فضحك القوم منه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” مم تضحكون؟ قالوا يا نبي الله من دقة ساقيه فقال صلى الله عليه وسلم ” والذي نفسي بيده لهما أثقل في الميزان من أُحُد ” رواه أحمد، فاللهم صلي وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلي آله وأصحابه أجمعين، أما بعد لقد شرع الله سبحانه وتعالي العقوبات في الإسلام صونا للمجتمع من التدهور والفساد، وحماية لحقوق الأفراد من التعدي والتسلط.
معلومة تهمك
ومن العقوبات التي شرعها سبحانه مراعاة لهذا المقصد عقوبة السرقة، وهي عقوبة القصد منها أساسا حفظ المال، والمال عزيز على بني الإنسان، ولأجل تحقيق هذا المقصد جاء قوله سبحانه في سورة المائدة “والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم” ولقد أوجب الله سبحانه وتعالي علينا في هذه الآية قطع يد السارق والسارقة، وأطلق ذلك في جميع الأحوال والصفات، وقد اتفق أهل العلم على وجوب قطعهما، واتفقوا على تخصيص هذا الإطلاق والعموم ببعض الأحوال، فاشترطوا أشياء تعارض هذا العموم منها ما إذا سرق ما له فيه شبهة، كالغانم إذا سرق من الغنيمة قبل القسمة، وكالأب إذا سرق مال ابنه لما روي عنه صلى الله عليه وسلم، أنه قال “ادرؤوا الحدود بالشبهات” رواه الترمذي.
ومنها النصاب والحرز، وإن مذهب جمهور أهل العلم أن حد السرقة لا يقام إلا إذا بلغ المسروق نصابا، ولم يعتبر أهل الظاهر هذا الشرط، وأوجبوا القطع في القليل والكثير، فاللهم صلي وسلم وبارك علي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي كان يثني على أصحابه إظهارا لفضلهم وعلو قدرهم، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في أمر الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأقرؤهم لكتاب الله أُبَي بن كعب، وأفرضهم زيد بن ثابت وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل ألا وإن لكل أمة أمينا وإن أمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح ” رواه الترمذي.
تنبيه هام، المنشور يعبر عن رأي الكاتب ويتحمل مسؤوليته، دون ادنى مسؤولية علي الجريدة
تنبيه