الطيبون ليسوا حمقى !!

بقلم الكاتب/ أحمد المغربي
تكرر معي هذا الأمر مرات عديدة ومع أشخاص مختلفة سواء في مجالات الحياة العامة أو في المعاملات الحياتية اليومية، وهو استغفال بعض الناس من يعتقدون أنهم طيبون بدون أي حرج ولا مخافة ملامة في ذلك،

 

لهذا وجب التحذير من هذه الظاهرة التي تنافي صحيح الدين ومكارم الأخلاق، وآخر هذه المواقف هو: أن بائعًا أتى إلى البيت وعرض عليَّ بضاعته وبالغ في الثمن فأشتريت منه بنية المساعدة وحتى تشملني رحمة ربي؛
فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“‏رحِم الله رَجُلاً سَمْحَا إذا باع ، وإذا اشترى ، وإذا اقْتَضَى ” الكارثة أنَّ البضاعة كانت مواد غذائية وللأسف الشديد قد عبَّأها في الأكياس قبل أن أراها وعند أكلها وجدتها غير صالحة تمامًا للأكل، هذا البائع قد فعل ذلك لأنه يعتقد أنني طيب واستغفالي بهذه الطريقة الإجرامية أمرًا عاديًا،

وبالطبع ما فعله نصب واحتيال ومخالف للدين والقانون وسآخذ موقف ضده ولن اشتري منه ومن أمثاله ثانية، ذهب فكري بعيدًا في هذا الموقف لأعرف أساس هذه الظاهرة، فوجدت أن الذي رسَّخ تلك الصورة النمطية عن الإنسان الطيب في عقول الشعب المصري هي: السينما المصرية حيث رسمت في أذهان المواطنين على مدار عقود فائتة أن الشخص الطيب هو: الدرويش الذي قد تجتمع فيه هذه الصفات أو بعضها؛

معلومة تهمك

فهو ذلك الرجل ذات الثياب المرقعة والملابس البالية والشعر الكثيف المتلاحم، أو هذا الذي لا يفقه من أمور الحياة شيء، أو الذي يتجول في الشوارع ويرقص في الموالد ويتمايل في الحضرات وينام على الأرصفة، أو ذاك الرجل الذي ماله مستباح وشخصه مهان وحريته مسلوبة وكرامته مهدورة واستغفاله شيئًا طبيعيًا، أو الرجل الذي عليه أن يرضى بأي شيء وإن كان فيه ضياع حقوقه، وينفذ كل الواجبات بلا اعتراض وإن كانت فيها ظلم بيِّن وقع عليه،

وفي المقابل ليس من حقه أن يطالب بأيَّة حقوق، أو يدفع عن نفسه أي أذى،
لا وألف لا يا عزيزي؛ فالإسلام بل وجميع الشرائع السماوية لم تقل ذلك، وديننا الحنيف أكَّد أنَّ الْمُؤْمِنُ كَيِّسٌ فَطِنٌ حَذِرٌ، والقويّ خيرٌ وأحبُّ إلى الله من الضعيف، فكونك يا صديقي ترضى أن يتستغفلك الآخرين ويسلبون حقوقك ويهدرون كرامتك فذلك ليس من الطيبة والتدين والالتزام في شيء بل هذا عين الحمق والسذاجة والهبل والبله والعته،

 

وإنما الطيبة هي: أن تتغافل ولا تكون مغفّلاً، أن تحفظ حقك دون أن تعتدي على حقوق الآخرين، أن تذود عن كرامتك دون المساس بكرامة الآخرين، أن تقف بالمرصاد لمن يحاول مصادرة حريتك دون السطو على حرية الآخرين، أن تغضب لو أن أحدهم حاول الاستصغار من شأنك والتهكم على شخصك والتحقير من مكانتك وتفعل ذلك أيضًا من أجل الآخرين ،

وكما أن كثرة تنازلاتك يا صديقي سيراها الكثير من الناس ضعف، فضلا على أنهم سيتعودون على تنازلاتك هذه ويعتبرونها أحد حقوقهم، لذا كن طيبًا وليس أحمقًا .

تنبيه هام، المنشور يعبر عن رأي الكاتب ويتحمل مسؤوليته، دون ادنى مسؤولية علي الجريدة

تنبيه

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

معلومة تهمك

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

%d مدونون معجبون بهذه: