قدوتنا “الحكمة من يُتم نبينا محمد “
#قدوتنا
“الحكمة من يُتم نبينا محمد “
كتبت :هدى بيبرس
ليس من قبيل المصادفة أن يولد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يتيماً، ثم يفقد جده أيضاً، فينشأ النشأة الأولى فى حياته بعيداً عن تربية الأب ورعايته محروماً من عاطفة الأم وحنانها.
لقد اختار الله – عز وجل- لنبيه هذه النشأة لحِكَمْ باهرة، من أهمها أن لا يكون للمبطلين سبيل إلى إدخال الريبة فى القلوب، وإيهام الناس بأن محمداً – صلى الله عليه وسلم – إنما رضع لبان دعوته ورسالته التى نادى بها منذ صباه، بإرشاد وتوجيه من أبيه وجده، خاصة وإن جده عبد المطلب كان زعيماً وصدراً فى قومه، وكانت له رفادة الكعبة وسقايتها، ومن الطبيعى أن يربى الجد حفيده على ما يحفظ به هذا الميراث.
لقد اقتضت حكمة الله – عز وجل- أن لا يكون للمبطلين من سبيل إلى مثل هذه الريبة، فنشأ رسوله بعيداً عن تربية أبيه وأمه وجده، وحتى فترة طفولته الأولى، فقد شاء الله – عز وجل – أن يقضيها في بادية بني سعد بعيداً عن أسرته كلها، ولما توفى جده وانتقل إلى كفالة عمه أبو طالب الذي امتدت حياته إلى ما قبل الهجرة بثلاث سنوات، وكان من هذه الدلالة أيضاً أن لا يسلم عمه حتى لا يتوهم أن لعمه مدخلاً في دعوته وان المسألة مسألة قبيلة وأسرة وزعامة ومنصب.
معلومة تهمك
وهكذا أرادت حكمة الله أن ينشأ رسولنا يتيماً تتولاه عناية الله وحدها بعيداً عن الأذرع التي ربما تتفنن في تدليله، والمال الذي يزيد من تنعيمه حتى لا تميل به نفسه إلى مجد المال والجاه حتى لا يتأثر بما حوله من معنى الصدارة والزعامة فتلتبس على الناس قداسة النبوة بجاه الدنيا، وحتى لا يحسبوه يصطنع النبوة وصولاً بها إلى جاه الدنيا.
من الحِكَمْ أيضا أن يكون صلى الله عليه وسلم القُدوة لغيره من الأيتام، قال تعالى : «لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِر»، فيشعُر اليتيم أن الله -تعالى- اختار له ما اختاره لنبيّه، مما يزيد صبره، وتشبُّهه بنبيّه -صلى الله عليه وسلم.
ومن الحِكَم النشأة على القوة والصلابة والتحمُّل منذ الصغر؛ ليكون مؤهّلًا لتحمل مسؤولية الدعوة لجميع البشر فيما بعد، فقد عاش النبي -صلى الله عليه وسلم- حياة الفقر، واليُتْم، ورعى الغنم، قال -صلى الله عليه وسلم-: «ما بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إلَّا رَعَى الغَنَمَ، فقالَ أصْحابُهُ: وأَنْتَ؟ فقالَ: نَعَمْ، كُنْتُ أرْعاها علَى قَرارِيطَ لأهْلِ مَكَّةَ»، وذلك جعله يكتسب عدة صفات لا يتحصل عليها لو لم يعش يتيماً؛ كسعة الصدر، واهتمامه وعنايته برعيته، وحمايتهم.
ومن الحِكَمْ بُعده عن عبادة الأصنام والمحرمات التي كانت في مجتمعه، وكان يُشتهر عنه الصفات الحميدة، فقال تعالى مُتفضّلًا على نبيّه الكريم: «أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى». اللهم صل وسلم وبارك عليك سيدى يارسول الله
تنبيه هام، المنشور يعبر عن رأي الكاتب ويتحمل مسؤوليته، دون ادنى مسؤولية علي الجريدة
تنبيه