قصة قصيرة: النهاية المفقودة

قصة قصيرة: النهاية المفقودة

قصة قصيرة: النهاية المفقودة
بقلم: أميمة أحمد

مع نسمات الصباح الباكر جلس شاب على شط البحر وقلبه يملؤه الأحزان وجوارحه في جسده لم يجد لها دواء، ظل يفكر عما حدث في حياته من أحداث كثيرة جعلته عاجز عن السعادة في هذه الحياة، فانتابته لحظات بكاء شديدة يتذكر حياته منذ صغره عندما فقد أمه وأبيه ولم يعرف لهم أي مكان، عندما كان ذهاب معهم إلى شراء ملابس العيد ولكن حدث حريق في المول الذي كان به وعندما ظل الجميع يتسارع للهروب من تلك الحريق تشتت الأسرة ولم يعرف منهم من الحي ومن الذي مات، ولكن الطفل الصغير نجى منه ولكن من المؤسف أنه لم يعرف غير اسم والده ووالدته وكان له أخ كبير لم يأتي معهم في هذا اليوم، وبالرغم من مرور عدة سنوات وبعد خروجه من دار الرعاية إلا أنه ما زال يبحث عنهم ولم يصل إليهم، ثم تذكر الأيام التي عاشها والمأساة التي لم يصف احساسها لأحد حتى أصبح شاب قادر على العمل وتحدي الصعوبات بمفرده دون مساعدة الآخرين، ولكن يشاء القدر أن يقابل فتاة أحبها دون أن تعلم، وعندما ذهب لخطبتها رفض أباها وأخواتها رفضاً شديداً نظراً لأنه وحيد ولم يعرفون من هم أهله، ولكن الفتاة عندما سمعت قصة حياته التي كان يرويها على عائلتها تمسكت به وعارضت أهلها، وعندما فعلت هذا تبرأت أسرتها منها ولم يمنحها أبيها حقوقها، وبالفعل تركت كل حقوقها ولكن طلبت منهم أنهم يشهدوا فقط على عقد زواجها، فوافق أخيها، وهكذا حصل عليها هذا الشاب وكأن الحياة أنارت له من جديد، عاشت الأسرة في سعادة لعدة سنوات حتى أنجبوا فتاة ولكن تعاني من مرض يحتاج إلى ملايين لكي تشفى، وهنا بدأت المأساة مرة أخرى يفكر الأب والأم ليل نهار للوصول إلى حل، فجأت فكرة لدى الأم أنها تذهب إلى أباها من أجل الحصول على المال، وبالفعل ذهبت له ولكن لم يرضى وفظلت تستسمحه أن يساعدها فشرط عليها أنها تقوم بالانفصال عن زوجها فرفضت وذهب باكية إلى رفيق حياتها ولكن ظل يواسيها بأنها لا تحزن وأن الله معهم ولم يتركهم في هذه المحنة، وتعهد لها أن يبحث عن أي طريقة للحصول على المال حتى تحصل صغيرتهم على الشفاء في أسرع وقت.

فخرج من المنزل وقلبه يعتصر من الآلام يفكر عما يحدث له من كسر وضعف وعن عدم قدرته على امتلاك الأموال، فظل يفكر حتى وصل تفكيره في هذه اللحظة وهو جالس على شط البحر وكأن البحر أصبح مكان أبويه الذي كان يرتمي في حضنه من الوقت لآخر عندما تنسد الأبواب في وجه ولم يجد لها أي حلول و يشاركه أحزانه التي لم تنتهي بعد، ولكن حدث موقف على الغير المعتاد وسمع صوت صراخ في منتصف البحار، ظل ينظر ويحدق في الأمواج فوجد شاب يغرق وكأنه يلتقت أنفاسه الأخيرة، دخل في البحر مسرعاً لإنقاذ هذا الشاب وعندما أخرجه من البحر حاول بشتى الطرق إلى إنقاذه ولكن لم يستطع إنقاذه وفارق هذا الشاب الحياة، فنظر إليه وقلبه يزداد حسرة، ظل يبكي عما يحدث من أي يجد حل لعلاج أبنته ومن أين يفعل في هذا الشاب المتوفي وعن الحظ السيء الذي يحالفه منذ الصغر فوضع يده في جيب هذا الغريق من أجل الحصول على أي شيء يعرف من هو فوجد البطاقة الخاصة به، وعرف اسمه ومكان بيته الذي يبعد عن هذا المكان عدة ساعات فحمله على يده وقام بالابلاغ عن وجود غريق وبالفعل جاءت الشرطة وأخذته من أجل تسليمه إلى أهله، فطوال الطريق أخذ يحتضنه والدموع تنهمر من عينيه وقلبه يتقطع عليه كأنه يعرفه منذ العديد من السنوات، وظل يتذكر تفاصيل الحياة التي عاشها حتى تلك اللحظة المؤلمة، ويفكر كيف يخبر أهله عن هذا الحدث، وعندما وصل إلى منزل هذا الغريق طلب من الضابط الذي يرافقه أن يمهد إلى أهله حتى لم يحدث لهم صدمة.

معلومة تهمك

طرق الباب وعينيه تملؤها الدموع،، ويديه ترتعش من الخوف والتردد،، ورجليه لم تحمله من الانكسار، خرجت له سيدة مبتسمة له ماذا تريد يا أبني ولكن هنا كانت الصدمة الكبرى أنه يكتشف أنها أمه التي لم يتذكر منها غير ملامح قليلة مع ربط اسم الشاب المتوفي عندما عرف اسمه واسم والده وكان هذا الشخص أخيه الكبير الذي لم يجمعهم القدر غير بعد وفاته، تماسك بشدة ولم يخبرها من هو حتى يتأكد، فقال لها هل أنتِ والدة الشاب خ.أ قالت له نعم قال لها يا أمي أنا أعلم مرارة الفقد ولقد شعرت به من قبل ولكن يؤسفني أن أخبرك اليوم أن ابنك قد مات غريقٍ في البحر، نظرت له الأم وهي غير قادرة على التحدث بكلمة واحدة أخذها يواسيها ويهون عليها الخبر المفجع، فأخذت ابنها الغريق في حضنها وظلت تبكي بكاء تهتز له الأرض متحدثة كالآتي:
ابني يا نور عيني من غيرك مين كان يواسيني
فقدت أبيك وأخيك عندما اندلع في المول الحريق
ظليت طوال هذه السنين سندي وضهري ..
تحميني من الغريب ومن القريب..
كنت ابني وصاحبي وحبيبي…
كنت روحي وقلبي وطبيبي…
لكن الفراق دائماً كان من نصيبي…
قولي سبتني لمين … قولي سبتني لمين
قولي أنا من غيرك إزاي لحظة واحدة أعيش …..
حياتي خلاص أنتهت متلزمنيش
ااااه يا وجعي قلبي عليك …..
يارب اتوسل إليك
يكون ده كابوس واصحى يا ابني الاقيك……
كفاية عمري اللي راح…
وعمري ما كان في غياب أخيك الثاني القلب مرتاح…
بس هي النهاية خلاص كدة …. مكتوب عليا اعيش وحيدة من غير أحباب وحياتي كلها تكون في عذاب…..

نظرى لها الشاب ويحترق قلبه عليها وعلى أخيه وأبيه عندما تأكد بأنها أمه من كلامها، وأخذها يقبل يديها وقدميها ويحتضنها بشدة ودموعه تسيل كالنهر الجاري الذي لم يتوقف ولكن لم يرِد أن يخبرها إلا بعد أن يدفن أخيه، وبالفعل لم يتركها لحظة واحدة وقام بالاتصال على زوجته وأخبرها أنها تحمل ابنتها وتفتح الصندوق الذي يوجد في الغرفة الذي كان يحتوي على صورة له منذ ما كان صغير عندما قام أحد الأشخاص بتصويرها له كي ينزل له إعلان باحثاً عن أهله ومنذ ذلك الوقت وبالرغم من صغر سنة إلا أنه احتفظ بها، فوصف لها الطريق حتى أتت إلى المكان الموجود به، وبعد الإنتهاء من واجب العزاء جلس هذا الشاب بجوارها وقال لها: هل تؤمني يا أمي بالقدر والصدف التي من الممكن أن تغير نظرتنا بالكامل إلى الحياة، فقالت له نعم كما تحولت حياتي إلى عذاب بعد غياب جميع الأحباب، نظرة إلى زوجته التي تندهش هما يحدث ولا تعرف من تكون هذه السيدة وطلب منها أن تعطيه الصورة، ومن ثم أخذها منها ووضعها أمام أمه، متحدثاً هل تعرفي من هذا الطفل الصغير؟ أخذت الصورة وهي تبكي ونظرت إلى الصورة بدقة ومن ثم توقفت أنفاسها لحظات وقالت له من حيث جئت بهذه الصورة قال لها هذه صورتي عندما كنت صغير وروى لها الأحداث التي لم يتذكر منها إلا البسيط أثناء الحريق وأنه نجى وعاش في دار رعاية، وباقي تفاصيل حياته التي عاشها بدونها، فنظرت له وبالرغم من مرارة فقد ابنها الثاني إلا أنها ارتمت على صدره وأحضتنه بشدة وأصبحت عيناها ممزوجة بين الحزن والفرح ولكن حمدت الله حمداً كثيرة عما حدث من إبتلاء ولكن الله لم يتركها ومنح الدواء بقدرته وتدبيره.

عرّف الابن الأم على زوجته وبنته وأخبرها على مرضها الذي تمر به، ولكن الأم أخبرته بأنه لا يحزن وسوف تتكفل بعلاجها في أسرع وقت، ومن ثم قام الشاب مسرعاً يشكر الله على النعمة التي منحها له بعد مرور هذه السنوات وبالرغم من حزنه على أبيه وأخيه إلا أن حياته تغيرت بالكامل من مرارة البحث والتفكير إلى لقائه بأمه التي حرم منها، وكأن العوض الذي أرسله الله لها من محض الصدفة التي كانت من الممكن أن لا تحدث، وبالتالي سوف يعالج ابنته ويعيش معها ومع زوجته ووالدته في سعادة وفرح طوال الحياة…..

المقتطف

وهكذا هي الحياة لم نعرف متى تكون نهاية الأحزان ومتى يكون بداية الفرح…
لا نعرف من أي تأتي اللحظات التي تغير مجرى حياتنا ولكن من الضروري أن نؤمن أن الله لا يحرمنا من شيء إلا أن يمنحنا أشياء أخرى…
فعندما ينزل البلاء أعلم أن الله يرسل إليك الدواء من حيث لا تدري … فلا تحزن عما يحدث الآن مصيرك تعيش باقي حياتك في أمان.

تنبيه هام، المنشور يعبر عن رأي الكاتب ويتحمل مسؤوليته، دون ادنى مسؤولية علي الجريدة

تنبيه

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

معلومة تهمك

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

%d مدونون معجبون بهذه: