الريف المصري بقلم الأستاذة سحر كريم 

الريف

الريف المصري
بقلم / سحر كريم 
تعتبر حضاره مصر القديمة مدينة لنهر النيل العظيم وفياضانه الموسمية وكان لنهر النيل وخصوبته فضلا فى بناء الإمبراطوريه للمصريين القدماء وعلى أساس ثروه زراعيه كبيرة لمسها الفراعنه من خلال حياتهم على ضفاف النيل
وكان للمصريين القدماء البراعه فى الزراعة على نطاق واسع وتطوير الرى لإنتاج المحاصيل الزراعية وخاصا الحبوب مثل القمح والشعير والمحاصيل الصناعية مثل الكتان والبردى
وأستغل القدماء المصريين نمط الفيضانات السنوى الطبيعى لنهر النيل فى تطوير الزراعة على ضفاف تلك النهر العظيم فقاموا بإنشاء المشروعات المستحدثه فى الرى كحفر القنوات والترع والسدود من أجل نقاء مياه النيل وتوزيعها للرى والشرب
فقد كان لإرتفاع منسوب المياه والفيضان المدمر مساوئ كثيره فحفر المصريون القدماء الترع وكانت الزراعة هى أساس الرخاء للبلاد فى تلك العصور فقد أحسن المصرى القديم إستغلال الأرض وموارد مصر الطبيعية التى ساهمت فى قيام الحضاره المصرية القديمة وراقب المصريون القدماء نهر النيل وعرفوا كيف يستفيدون من مياهه وكانت الزراعة فى مصر تمر بمراحل معينه كالحرث وبذر البذور والحصاد والتخزين وكانت مصر تشتهر بزراعة أنواع كثيرة من الحبوب والنباتات والخضروات وكان لمصر حدائق تتميز بذوق خاص فى الزهور بالإضافة إلى النباتات البرية التى كانت تنمو على ضفاف النيل
وظهرت عبقريه المصرى القديم عندما كان يستخدم الشادوف فى الزراعة لأكثر من محصول فى العام الواحد
وإهتم المصرى القديم بتربية الأبقار والأغنام والدواب والطيور وتربية نحل العسل
وكان المصرى القديم يؤمن بوجود إله أعظم وإنه يرعى الزراعة التى كان يقوم بها ومنهم الإله أوزوريس إله الزراعه والخضره وزوجته إيزيس رمز الوفاء لزوجها ورمز الفلاحه المصرية والسحر والجمال والإله سخت إلهه الحقول
ومع التطور إختلف مفهوم الريف كثيرا عن المدن لما فيه من طبيعه تتميز بالزراعة وبحياه بسيطه بعيده عن أجواء المدن الصاخبة والمزدحمه وعلى الرغم من أجواءه البسيطه إلا أنه يعتبر جنه الفلاح المصري المزارع بما يتسم به تلك المكان من طابع البساطه وقوه العلاقه والتلاحم بين أفراد العائلات فيه فالريف مجتمع تربطه الألفه بين القليل من سكانه وتعتبر الزراعة فيه هى الشغل الشاغل للمواطن البسيط فى الريف المصري وتتميز البيوت الريفية المصرية بطابع البساطه فهى تبنى أغلبها من الطوب اللبن وهى قريبه جدا من بعضها البعض وفى كل منزل للمواطن الريفى مكان خاص لتربيه المواشى التى يحرص على نظافتها والإعتناء بها
ومع التطور أصبحت هناك مساكن مؤهله للعيش فيها تبنى على طراز المدن بأدوارها المرتفعه كنوع من التطور والتقدم فى الريف
وللمرأه الريفية دور كبير فى تدبير شئون المنزل وصنع الخبز من خلال الفرن البلدى الموجود فى إحدى زوايا المنزل والمبنى بطريقة معينة لا يعرفها إلا أهل الريف تستخدم الأخشاب فى تشغيله لتصنع وجبات الطعام المختلفة لعائلتها وتحصل الأسره المصرية على الماء البارد من خلال الزير المصرى الذى يبرد الماء طبيعيا دون الحاجه إلى إستخدام الثلاجات الحديثة وتتبلور روح التعاون والمساعده فيما بينهم
حيث يشارك الجميع فى جميع المناسبات والأفراح والعزاء فكل مواطن فى الريف المصري مطلع على أحوال الموجودين من حوله من الناس فمن طبائع أهل الريف المصري الثرثره وروح الدعابة ومازال الريف يحتضن أولئك السكان البسطاء الذين يحافظون على سلامته وجماله يعيشون فى مواطنهم ويتمسكون به بكل وفاء
فالطبيعه هى لغه رمزيه بسيطه لها تذوق خاص بها
ولكن الريف والطبيعه يواجهان اليوم تحديات متعددة وخطوره متزايدة فى ظل إذدياد الطلب على مصادر المياه وتتعرض الأشجار لقطع متدهور وتتحول الغابات إلى أرض زراعية مما يؤدى لتراجع التنوع النباتى وتآكل التربه وتدهورها مما يؤدى إلى تحولها مع مرور الوقت إلى صحراء قاحله ولا يمكننا أن نتجاهل الخطر الذى يهدد الريف المصري بسبب التوسع العمراني للمدن ونقل المصانع إليها التى أحدثت نوع من التلوث مما يتسبب فى تهديد الحيوانات والنباتات بالإنقراض وتشكل المسافات إلى المدرسة فى الريف أو العمل عائق كبير فى الحصول على الذهاب إلى المدرسة والعمل بشكل طبيعي وخاصا عندما تشتد الأيام ضراوه فى الشتاء فلا يوجد وسائل توفير للنقل مناسبة وملائمه لنقل المواطنين ومراعاه الوقت اللازم للوصول مما يسبب أضرار كبيرة للمواطن كما تعتبر فرص العمل المتوفرة فى الريف أقل من فرص العمل المتاحة فى المدن مما يؤثر على حياة المواطن البسيط وغالبا ماتكون الخدمات الحديثه كاتوصيل بشبكه الإنترنت والتلفاز أضعف مما هو موجود فى المدن مما يلجأ المواطن الريفى للذهاب إلى المدن بحثا عن حياة أفضل وترك الزراعة بالريف مما يؤثر على الإنتاح الزراعى بشكل كبير
وللبنيه التحتية للطرقات مشاكل عديدة فهى ليست بالجوده التى توجد بالمدن ويظهر هذا بشكل واضح فى أيام الشتاء القارس كما أن لعمليه التسوق سلبيات عده فى الربف المصرى لأن هذا الأمر يتطلب الخروج بشكل خاص بإستخدام وسيله نقل على عكس مايوجد بالمدن التى ينتشر فيها محلات البقالة بكثره فى المنطقة الواحدة كما أن الخدمات الحرفية المتاحة فى المناطق الريفية قليله لصعوبة توافر الأشخاص المناسبين فى وقت الحاجة لهم كتصليح السيارات أو الأعطال الكهربائية
فالحياة فى كل من المناطق الريفية والحضريه لها تعاطها الإضافيه ومشاكلها كمرفق التعليم ففى المدن توجد ترتيبات خاصة للتعليم كالكليات الكبيرة والجامعات المتوفرة مما يجعل المواطن فى الريف يحرص على تكمله تعليمه بالمدن ويكلفه ذلك الكثير من المشقه والتعب والمصروفات الطائله وفى المدن أيضا مرافق طبيه كافية فى كل مدينة مستشفيات جيده يحصل فيها الفقير على الأدوية والعلاج مجانا كما يوجد العديد من الأطباء المؤهلين لخدمه المرضى وفى الواقع يعتبر هذا الإفتقار لمثل هذا الترتيب الطبى هو أحد العيوب التى يعانى منها المواطن البسيط فى الريف كما يفتقر الريف الترفيه والإستجمام التى يتمتع بها سكان المدن كدور السينما والمسرح والفنادق والمطاعم ويضطر المواطن البسيط فى الريف للسفر باحثا عن فرص عمل فى إحدى المراكز التجارية والمكاتب والشركات المتعدده الأشكال تاركا داره وزراعته ويختلط بحياة المدينة بما فيها من بهاء وعرض يكاد يكون من المستحيل العيش فيها بحياة بسيطة كما كان يعيشها فى القرية فالمدن مزدحمه ومن الصعب حصوله على السكن المناسب وتزداد المشكلات والصعوبه فى إيجاد الحلول المناسبة وتزداد لغه الحوار مابين المدن والريف وتزداد الهجرة سواء هجره دائمه أو هجره مؤقته للبحث عن العمل والوظيفة وربما الرغبة فى البحث عن التطور والإذدهار فى كل نواحى الحياة المختلفة التى لا توجد فى الريف المصري ويذداد الشعور بالوحده والغربه فى الريف الذى أصبح بدون مزارعين أو حرفين أو أشخاص يقومون بجمع المحاصيل الزراعية بأيديهم فكل شيء أصبح يستخدم بالماكينات الحديثة وتزداد الهجرة والإبتعاد عن الخبره والحياة الطيبه وينسى الناس أن الريف لا غنى عنه مثل المدينة وإنهما جزء لا يتجزأ من هذا الوطن فهما نسيج الوطن ولا يجوز لهما أن يفترقان أو ينقسمان
فلماذا لا ننظر إلى الريف المصري بعين الإعتبار ونحاول الإرتقاء به بعد أن زاد عدد السكان وإكتظت المدن بإختلاف الجنسيات
فنحن بحاجة إلى تطوير الزراعة والإكتفاء الذاتى
فمصر هى هبه النيل

تنبيه هام، المنشور يعبر عن رأي الكاتب ويتحمل مسؤوليته، دون ادنى مسؤولية علي الجريدة

تنبيه

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

معلومة تهمك

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

%d مدونون معجبون بهذه: