الدكروري يكتب عن إشعال نيران الحروب
بقلم / محمـــد الدكـــروري
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين الذي كان من غزواته صلى الله عليه وسلم ما روي عن ابن عباس رضي الله عنه قال لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة قال أبو بكر أخرجوا نبيهم إنا لله وإنا إليه راجعون، لَيهلكنّ، فأنزل الله عز وجل ” أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا ” وهي أول آية نزلت في القتال، وغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعا وعشرين غزاة، قاتل منها في تسع وهم بدر، وأحد، والريسيع، والخندق، وقريظة، وخيبر، والفتح، وحنين، والطائف، وبعث ستا وخمسين سرية، ولم يحج النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن هاجر إلى المدينة إلا حجة واحدة، وهي حجة الوداع، فالأولى كانت هي عمرة الحديبية التي صدّه المشركون عنها.
والثانية عمرة القضاء، والثالثة عمرة الجعرانة، والرابعة عمرته مع حجته، وهو الذي كانت عبادته ومعيشته صلى الله عليه وسلم، كما قالت السيدة عائشة رضي الله عنها “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم حتى تتفطر قدماه، فقيل له في ذلك، فقال أفلا أكون عبداً شكورا” متفق عليه، وقالت رضي الله عنها وكان مضجعه الذي ينام عليه في الليل من أدم محشوا ليفا، وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يظل اليوم يلتوي ما يجد دقلا يملأ بطنه، والدقل هو ردئ التمر، ما ضره من الدنيا ما فات وهو سيد الأحياء والأموات، فالحمد لله الذي جعلنا من أمته، ووفقنا الله لطاعته، وحشرنا على كتابه وسنته آمين، آمين، أما بعد فإن الحديث عن المؤمن المسلم بالذكر الحسن خير بشراه في الدنيا وفي الآخرة.
فما أكثر أسباب الخلافات والفرقة، وما أكثر أسباب التناحر والتطاحن بإثارة الشغب وإشعال الحروب الدامية بين كثير من مجتمعاتنا الإسلامية، ومعلوم أنه لا يشعل نيران الحروب ولا يبرم حبل التفرق ولا يصل أسباب البغضاء والضغينة بين دول الإسلام في الشرق والغرب إلا أعداء الله وأعداء دينه، وإن كل ما مضى من بشريات عظيمات ووعد صادق من الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم لن يتخلف أبدا، ولكن لابد للنصر من أسباب وطرق تسلك حتى يتحقق هذا النصر، ومما لا شك فيه أن تحقيق انتشار الإسلام في الأرض يستلزم أن يعود المسلمون أقوياء في معنوياتهم ومادياتهم وسلاحهم حتى يستطيعوا أن يتغلبوا على قوى الكفر والطغيان، حيث قال الله تعالى فى سورة الرعد ” إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم” فإن من أسباب النصر والتمكين؟
هو الإيمان والعمل الصالح، فأول أسباب النصر أن نصلح حالنا مع ربنا ونحقق العبودية التي هي الغاية من الخلق، فعلق الوعد بالتمكين هنا بأربعة أمور، وجود الجماعة المؤمنة وتحقيق الإيمان فيها، وعمل الصالحات من القيام بشرائع الدين وتنفيذ أوامر الله، والتزام نهج الصحابة، لقوله تعالى ” منكم” فالخطاب لهم، وينسحب على من نهج نهجهم، وانتفاء الشرك في العبادة، فيقول تعالى ” يعبدوننى ولا يشركون بى شيئا” وقال سبحانه وتعالى فى سورة محمد ” يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم” وقال تعالى فى سورة الروم ” وكان علينا نصر المؤمنين” فقال ابن القيم النصر والتأييد الكامل، إنما هو لأهل الإيمان الكامل، فمن نقص إيمانه نقص نصيبه من النصر والتأييد، ولهذا إذا أصيب العبد بمصيبة في نفسه أو ماله، أو بإدالة عدوه عليه، فإنما هي بذنوبه، إما بترك واجب، أو فعل محرم وهو من نقص إيمانه.
تنبيه هام، المنشور يعبر عن رأي الكاتب ويتحمل مسؤوليته، دون ادنى مسؤولية علي الجريدة
تنبيه