المهرج

بقلم الأستاذة سحر كريم

يرسم لنا تاريخ المسرح صورا جميله يظهر فيها تطور المسرح الحديث ونشأه الفن المسرحى الذى يرجع طبقا للمؤرخين والباحثين للإحتفالات والطقوس الدينية التى كانت ترتبط بكل الحضارات القديمة بما فيها الحضاره الفرعونيه القديمة
وفى القرن السادس قبل الميلاد ظهر المسرح لأول مرة فى اليونان ويعتبر كتاب أرسطو فن الشعر هو أول كتاب نظرى ونقدى لشعريه المسرح وقواعده الكلاسيكية
ومن أشهر الكتاب فى مصر فى المسرح الكاتب الكبير توفيق الحكيم بل ومن أهم رواده وقد سمى تياره المسرحى بأسم المسرح الذهنى لصعوبة تجسيده فى عمل مسرحى لأنه كان يستخدم الرموز فى كتاباته
ويجمع المسرح فى عرضه للرواية مابين الكوميديا والتراجيديا
ويعتبر المهرج أو Clown أو البلياتشو فنان يؤدى أعمال كوميديه يتخذ فيها أشكال غريبة تستدعى منه وضع مستحضرات التجميل وإرتداء الملابس الغريبة وأحذيه غير عادية وقد تكون ملابسه ومظهره مخيفا للبعض بينما يحبه البعض الأخر ويستهويهم البهجه والسرور التى يجيدها ويجيد رسمها على شفاه الناس بشكل عام والأطفال بشكل خاص بما لديه من لمسه واضحه والقدره على الإضحاك حتى البكاء إضحاك يسخر فيه من ذاته كى يمرح الناس ويحول نفسه لنكته متحركه فعندما يتأهب المسرح لفتح الستار يوقظ الحماسه والفرح فى قلوب الجميع لا لشيء سوى إنه قد ولد الضحك معه بشكل خاص لا يشترك فيه مع الأخرين
هذا الأبله الساذج اللامبالى والسعيد والمسحوق وعندما تنتهى فقرته على المسرح ويعود إلى حجرته حزينا هضيم الجناح يزيل عن وجهه المساحيق وتقابل عيناه المرآه ليسأل فيها عن نفسه عن ذاته التى رآها متواضعة ساخر منها لتكون موضوعا للضحك
وللسيرك مكانه خاصه عند المهرج فما هو إلا مجموعة من الفنانين الرحاله بما فيهم من المهرجين والحيوانات المدربة ولاعبى الأراجيح والموسيقى وغيرهم من ذووى المهارات الأدائيه
ويرجع تاريخ السيرك إلى عصر الرومان ومع التطور أصبح عرض فى مكان ثابت غير متنقل مثل السيرك الروسى وسيرك دوسوليه الموجود بالمونتريال بكندا وهو فن للعروض للمهاره الإنسانيه وفن الإضحاك فى أجلى معانيه
تعود فيه الصغار والكبار على رؤية المهرج وهو يقفز على خشبة المسرح بلياقه وأسلوب رشيق لخلق الإضحاك ببراعه
وربما نكون قد نسينا المهرج الماضى فعاد إلينا ليضحكنا أكثر مما سبق ولكن يدور السؤال هل يعود المهرج ثانيا أم أن العالم قد تحول عن هذا الضحك ولم يعد للمهرج على خشبة المسرح مكان ؟ ليصبح المهرج الغائب الحاضر وتمر بنا السنوات دون أن نتذكره ربما لأننا نعيش فى لحظه دون أن ندرك ذلك أم كعادته يقفز سريعا على خشبة المسرح عند الطرف الأخر للمرآه ليغنى صامتا أو ليقوم بحركات خاصه يزعم فيها دور البطولة سمات غريبة ودقيقه تخفيها المساحيق للتجميل أتقن فيها تلك المهرح دوره فى التمثيل وصنع الضحك
وترفع الستار
يظهر المهرج بملابسه الغريبة بسرواله الأزرق الفضفاض الذى تعلوه ستره حمراء بخطوط مختلفة الألوان وينتعل حذاء ضخم ذو رقع عديدة يعلو وجهه كثير من الألوان وأنف حمراء تشبه حبه الطماطم أما شعره الأحمر ينسدل على كتفيه ويغطيه قبعه صغيره تكاد تسقط على الأرض كلما تحرك يمينا أو يسارا ويبدأ العرض
دفن المهرج أبنه الوحيد المتوفى ثم صعد على المسرح فضحك الجمهور نفض المهرج يديه من التراب وقلبه حزين فضحك الجمهور أكثر أنفجر المهرج باكيا فتعالت الضحكات فى كل مكان ثم سقط المهرج ميتا قهرا فوقف الجمهور يصفق بحرارة فمن تعود على أن يسعد الناس لن يشعر الناس بحزنه
وأسدلت الستار
وإرتفع الصياح الكل فى هرج ومرج ويتساءلون ماذا حدث ؟
فلسفه صعبة
ولكن إذا إنكشفت الأقنعه لصدمتنا الحقيقه سنرى المهرج المكتئب والمفكر الضائع والعالم الناقد للحب والداعيه التواق للشهره والغنى المحتاج والفقير المستغنى سنرى أقوى الناس وهو بأمس الحاجة لمن يحبه ويحتضنه ويتفهمه بداخله كلمه يتمنى لو أن تراجع عنها سريعا تخنقه ببطء وتعود إلى صدره مكعبه تعود بشكلها الحزين وصوتها البائس كانت تنتظر الحياة ولكن أحلامها تطير ومنازلها تهدم ولا أحد يستطيع الوقوف سوى أن يردد أن أقدارنا مكتوبه فلنعيش بهدوء ولكن كيف ذلك ؟معادله صعبه يظن فيها الإنسان أن العالم بأسره يتنحى جانبا ليفسح الطريق للإنسان الذى يعرف تماما إلى أين يتوجه ولكن هيهات أن يحدث
أليست حياتنا معجزة
زمن لا يدوم فيه كل شيء ثم يصبح ذكرى وأشد اللألام تتحول إلى مقاله طريفه تروى أحاديث حول مقعد وفنجان شاى
ويذهب الجمهور باحثا عن الأبواب التى فتحت عندماإنتهت الرواية
البعض منهم يتساءل ماذا حدث ؟ والبعض الأخر لا يهمه شيء سوى أنه حصل على وقت من الضحك والتسليه ويتفرق الناس مابين هنا وهناك البعض يذهب لينظر إلى الشروق الذى أوشك على الظهور ليأتى ماحيا ماقبله ليهرب من أحزانه ليتحرر من القيود ولديه الأمل فى أن يجد الشروق الشروق الذى يحاول أن يعطى لنفسه فرصه ليجده ليبقى للصباح إشراقه خاصه يحاول أن يجد مكان ليتناول فيه فنجان من القهوة
فما القهوة إلا القراءه العلنية لكتاب النفس المفتوح ساحره كاشفه لما يحمله النهار من أسرار فلامفر من إستكمال الحياة
فسلام على المبتسمين الذين أفئدتهم خنادق أحزان أولئك الذين قرروا الحياة ولو لم تحالفهم النبضات

Sahar korayiem

معلومة تهمك

تنبيه هام، المنشور يعبر عن رأي الكاتب ويتحمل مسؤوليته، دون ادنى مسؤولية علي الجريدة

تنبيه

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

معلومة تهمك

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

%d مدونون معجبون بهذه: