التربية في الهدي النبوي
التربية في الهدي النبوي
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأربعاء الموافق 8 نوفمبر 2023
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله الطيبين وصحبه أجمعين، أما بعد لقد عني رسول الله صلى الله عليه وسلم بتعليم الصحابة وثقافتهم، فكان يستخدم الرسم كوسيلة لتوضيح المعنى، فعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال ” خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا مربعا، وخط خطا خارجا منه، وخط خطوطا صغارا إلى هذا الذي في الوسط من جانبه الذي في الوسط، فقال صلى الله عليه وسلم “هذا الإنسان وهذا أجله محيط به، وهذا الذي خارج أمله، وهذه الخطوط الصغار والأعراض هي الحوادث والنوائب المفاجئة، فإن أخطأ هذا نهشه هذا، وإن أخطأ هذا نهشه هذا، وإن أخطأه كلها أصابه الهرم”
وكان الناس وما زالوا يستبشرون ويتفاخرون بكثرة الأبناء ويراودهم حلم بأن يرزقهم الله ذرية طيبة حسني الخلق والخلقة، يتحلون بعقيدة سليمة صلبة وعبادة خاشعة وخلق أصيل وبعقول متفتحة واعية ونفسيات مستقرة وأجسام قوية ومعرفة بواقع الحياة وظروف العصر وبنفس تفيض خيرا وطهرا وعطاء، ولقد كان صلى الله عليه وسلم ضحاكا بساما مع أهله وأصحابه يمازح زوجاته ويلاطفهن ويؤنسهن ويحادثهن حديث الود والحب والحنان والعطف وكانت تعلو محيّاه الطاهر البسمة المشرقة الموحية، فإذا قابل بها الناس أسر قلوبهم أسرا فمالت نفوسهم بالكلية إليه وتهافتت أرواحهم عليه، وكان يمزح ولا يقول إلا حقا، فيكون مزحه على أرواح أصحابه ألطف من يد الوالد الحاني على رأس ابنه الوديع، يمازحهم فتنشط أرواحهم.
معلومة تهمك
وتنشرح صدورهم وتنطلق أسارير وجوههم، وفى عهد النبى الكريم صلى الله عليه وسلم، يأتي رجلان من المسلمين إلى النبي الكريم صلى الله عليه وسلم يختصمان في قطعة أرض ليس لأحد منهما بينة وكل واحد منهما يدعي أنها له وقد ارتفعت أصواتهما فقال “إنكم تختصمون إلي وإنما أنا بشر، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، وإنما أقضي بينكم على نحو ما أسمع منكم، فمن قضيت له من حق أخيه شيئا فلا يأخذه فإنما يقتطع له قطعة من النار يأتي بها يوم القيامة” رواه البخاري، وعند ذلك تنازل كل واحد منهما عن دعواه فقد حرك رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفوسهما الإيمان وارتفع بهما إلى مستوى رائع من التربية الوجدانية وبناء الضمير والتهذيب الخلقي للفرد، فكانت هذه التربية وبناء الضمير حاجزا لهما عن الظلم والحرام.
وهذا عثمان بن عفان رضي الله عنه في عام الرمادة وقد أشتد بالمسلمين الفقر والجوع، جاءت تجارته من الشام ألف بعير محملة بالتمر والزيت والزبيب فجاءه تجار المدينة وقالوا له تبيعنا ونزيدك الدرهم درهمين ؟ فقال عثمان بن عفان رضي الله عنه لهم لقد بعتها بأكثر من هذا، فقالوا نزيدك الدرهم بخمسة ؟ فقال لهم عثمان رضي الله عنه لقد زادني غيركم الدرهم بعشرة، فقالوا له فمن الذي زادك ؟ وليس في المدينة تجار غيرنا ؟ فقال لهم عثمان رضي الله عنه لقد بعتها لله ولرسوله فهي لفقراء المسلمين، فماذا لو لم يكن يحمل بين جوانحه ضمير المؤمن الحي لكانت هذه الفرصة لا تعوض ليربح أموال طائلة ولو كانت على حساب البطون الجوعى والأجساد العارية وآهات المرضى والثكالى وهموم أصحاب الحاجات.
إنه مهما خوف الناس وبعث في قلوبهم الرعب برقابة البشر فهي تسقط أمام رقابة الذات ورقابة الله وما تغيرت الحياة وحدث البلاء، ووجدت الخيانة وانتشر الظلم إلا يوم ضعفت رقابة الله في قلوب البشر.
تنبيه هام، المنشور يعبر عن رأي الكاتب ويتحمل مسؤوليته، دون ادنى مسؤولية علي الجريدة
تنبيه