الدكروري يكتب عن الذين أوتوا العلم والإيمان
الدكروري يكتب عن الذين أوتوا العلم والإيمان
بقلم: محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما، إن في قضية حفظ القرآن فإن الإتقان مهم جدا والإتقان هو المهارة، فهذا الذي يقرأ دون توقف، متقن للحروف، وعارف بالوقوف، مجود على القواعد، ولقد حرص المسلمون على إتقان تجويد كتاب الله تعالى، وإخراج كل صوت من مخرجه، ولما كان بعض الحروف فيها تقارب في المخرج ضبطوها، وبينوا صفاتها، وحفظوها من الطغيان والتطفيف فلم يهملوا تحريكا ولا تسكينا ولا تفخيما ولا ترقيقا وضبطوا مقادير المدات في التجويد، وتفاوت الإمالات، وميزوا بين الحروف والصفات.
ولذلك صار في علم القرآن وقراءة القرآن مجال عظيم للإتقان، وفيه تفاوت كبير وصار هنالك دقة رواية، وسلامة ضبط وجودة الأداء، وأما مسألة جمع القرآن فقد كان الإتقان فيه عجبا، فقد أسندت المهمة إلى رجل شاب عاقل وقيل له لا نتهمك كما قال أبو بكر رضي الله عنه لزيد بن ثابت رضي الله عنه، من كتبة الوحي، فتتبع القرآن فاجمعه، ويقول تعالى فى سورة البقرة ” إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين” وهذا مشهد من مشاهد يوم القيامة، ويوضح فيه أهل العلم الذين آمنوا بالله عز وجل حقيقة معرفتهم ما أوجبه الله عليهم، بما عملوه من العلم النافع المفيد، فطبقوه في حياتهم، واطمأنت به قلوبهم في يوم الفزع الأكبر، والخوف الشديد، فهم يقولون ذلك وبراحة نفس، واطمئنان قوي، حيث أمّن الله روعهم، وسكن قلوبهم بعقيدة الإيمان.
معلومة تهمك
فيقول تعالى “وقال الذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم فى كتاب الله إلى يوم البعث فهذا يوم البعث ولكنكم كنتم لا تعلمون” فأصبحت علومهم الدنيوية، ومقدرتهم في اللجاج والحجج لم تنفعهم، ولم يعتبر ذلك علما لأنه لم ينقذهم من أهوال ذلك اليوم، ولم يوصلهم لباب من أبواب الاطمئنان والهدوء النفسي، عندما وقعوا في الأمر، ووصلوا إلى يوم البعث والجزاء، يوم القلق النفسي، أو الراحة أو الاطمئنان والنتيجة هذه لا تتأتى إلا بالعمال وفق منهج كتاب الله، وهدي رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، اللذين فيهما الدواء لكل داء، ولذا قال بعض العارفين من علماء الإسلام في صدره الأول إذا سمعت في كتاب الله “يا أيها الذين آمنوا” فأصغ إليها سمعك، فهو إما خير يأمرك الله به، أو شر يحذرك الله منه.
وإن موقف يوم القيامة يختلف عن المواقف الدنيوية، بل إن الإيمان في ذلك الموقف بعد أن تذهل النفوس، وتضطرب القلوب من هول ما ترى لا ينفع لأن وقت الإيمان والتبصر قد انتهى، فالإيمان وقته الحياة الدنيا، حيث الفسحة من العمر، وحيث الابتلاء والاختبار، وحيث موطن الصراع بين الخير والشر، بين الشيطان وأعوانه، وبين الإستجابة للحق وهو اتباع دين الله، وما جاء في كتبه، وأنزل على رسله، وهذا يؤصله القرآن الكريم والسنة المطهرة، بأن موطن الاستجابة في الدنيا حيث تصارع النفس هواها، ويدعوها الهدي الشرعي للوقوف باطمئنان دون نوازع الشر المخالفة له.
تنبيه هام، المنشور يعبر عن رأي الكاتب ويتحمل مسؤوليته، دون ادنى مسؤولية علي الجريدة
تنبيه