زمن ضاع فيه السلام
زمن ضاع فيه السلام
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الجمعة الموافق 17 نوفمبر 2023
الحمد لله المبدئ المعيد، الفعال لما يريد، خلق فسوى، وقدر فهدى، أحمده وأشكره وأثني عليه الخير كله، هو رب كل شيء ومليكه، وأصلي وأسلم على رسوله ومصطفاه، محمد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه أجمعين، إن الغيور ليتساءل كيف لأب أنيطت به أمانة عظيمة ينام قرير العين يكتحل بالنوم ملء جفنيه وأبناؤه خارج منزله، بل ربما بناته وزوجاته ؟ فقولوا لي بربكم أي أب هذا ؟ وأي تربية تلك ؟ ألا ترون أن ذلك الأب يحتاج إلى أدب وتربية، بلى ولذا قال الله تعالى ” ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عنها ونسي ما قدمت يداه إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذاً أبدا ” فنعوذ بالله من الضلال بعد الهدى ومن الظلام بعد النور، فلا بد من رعاية الشباب والناشئة.
حتى يكونوا نواة صالحة لدينهم ومجتمعهم ولبنة بناء لعقيدتهم وأمتهم فاتقوا الله معشر العباد، واحفظوا وصية الله لكم في الأولاد، وتذكروا موقفكم يوم المعاد، فأنتم مسؤولون عن انحراف الشباب ومحاسبون عن تربيتهم أمام رب الأرباب، فما أحوجنا في هذه الأيام المؤلمة التي اكتظت بالفتن والبلايا والموبقات إلي السلام مع النفسِ ومع الأسرة ومع الجيران بل ومع المجتمع كله لننعم في الدنيا ولنسعد في الآخرة وخاصة ونحن نعيش زمانا ضاع فيه السلام والراحة والاستقرار والطمأنينة، وكل ذلك كان وراؤة الطمعِ والجشع والأنانية وحب الذات وعدم احترام الآخر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم , فكلنا في حاجة إلى سلام واستقرار ولا يتأتى هذا إلا لأصحاب النفوسِ الزكية الصافية، التي لا تعرف سوى طريق الخير والحق.
معلومة تهمك
وأصحاب العقول الواعية التي تفهم سنن الله عز وجل في كونه، فتؤمن بحق التنوع والاختلاف، واحترام آدمية الإنسان كإنسان بغض النظر عن دينه أو عرقه أو جنسه أو لغته أو لونه، فإنه لا إكراه لأحد على إعتناق عقيدة معينة، فقال الله تعالى فى سورة البقرة ” لا إكراه فى الدين قد تبين الرشد من الغى” وقد فتح المسلمون البلاد والأمصار، ولم يُسجل عليهم التاريخ حادثة إكراه واحدة من أجل تغيير العقيدة، بل إن أهل الذمة قد عاشوا في ظل الإسلام حياة سعيدة ومارسوا فيها حريتهم الكاملة في الاعتقاد وإقامة شعائرهم، وهذا هو المنهج الذي رسمه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم للأمة، وسار عليه، وهو منهج يقوم على الحرية الدينية في أرحب مفاهيمها، فما عليه إلا بيان الحق للناس وتذكيرهم به، ومن شاء منهم فليؤمن، ومن شاء فليكفر.
حيث قال تعالى فى سورة الكهف ” وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر” وحرية الاعتقاد هذه التي صانها الإسلام، لم تصنها الشرائع الوضعية التي تغتال في ظلها الحرية الدينية، وتحرم الدعوة إلى الأديان، وتهدم المساجد ودور العبادة، وتفرض فيها العقائد والمذاهب، ويرتبط بحرية الاعتقاد حق آخر من الحقوق التي صانها الإسلام، وهو حقوق الأقليات، فما دام الإسلام قد احترم حرية العقيدة فلا بد أن يحمى أصحاب الديانات الأخرى الذين يعيشون في كنفه، وقد تحقق ذلك بالفعل، وأكد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم على حسن معاملة أهل الكتاب، والبر بهم، والتسامح معهم، ومراعاة حقوقهم.
تنبيه هام، المنشور يعبر عن رأي الكاتب ويتحمل مسؤوليته، دون ادنى مسؤولية علي الجريدة
تنبيه