الدكروري يكتب عن الذين يحشرون على وجوههم

الدكروري يكتب عن الذين يحشرون على وجوههم

بقلم: محمـــد الدكـــروري

الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الملقب بالصادق الأمين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين، إن الإسلام يوصي أن نغرس فضيلة الصدق في نفوس الأطفال، حتى يشبوا عليها، وقد ألفوها في أقوالهم وأحوالهم كلها فعن عبد الله بن عامر قال دعتني أمي يوما، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد في بيتنا فقالت تعالي أعطك، فقال لها صلى الله عليه وسلم ” وما أردت أن تعطيه؟ ” قالت أردت أن أعطيه ثمرا، فقال لها ” أما أنك لو لم تعطه لكذبت عليه كذبة ” رواه أحمد، وكما أن هناك أنواع ومجالات أخرى للصدق منها الصدق في الأقوال وهو أشهر أنواع الصدق وأظهرها ومعناه صدق اللسان في الإخبار، أي مطابقة الخبر للواقع.

معلومة تهمك

فحق على كل عبد أن يحفظ ألفاظه، فلا يتكلم إلا بالصدق وقد عد النبي صلى الله عليه وسلم الصمت إذا كان الكلام يجلب شرا، شعبة من شعب الإيمان، وقال الإمام النووي في رياض الصالحين اعلم أنه ينبغي لكل مكلف أن يحفظ لسانه عن جميع الكلام إلا كلاما ظهرت فيه المصلحة، ومتى استوى الكلام وتركه في المصلحة، فالسنة الإمساك عنه، لأنه قد ينجر الكلام المباح إلى حرام أو مكروه وذلك كثير في العادة، والسلامة لا يعدلها شيء” وأيضا الصدق في الأفعال وهو مطابقة الفعل للقول بحيث فعله يطابق قوله وبالمثال يتضح المقال فالمسلم الذي تعلم العلم الشرعي لابد أن يطبقه عمليا كأن يكون المسلم عالما بحرمة الغيبة وينهى عنها، فهذا لا بد أن يصدق قوله عمله وينتهي هو عن الغيبة قبل أن ينهى عنها.

فإن لم ينتهي لا يكون صادقا في عمله، فكل من يخالف فعله قوله فهو غير صادق في فعله، ومن أمثلة ذلك هو ما حكاه الله لنا من عدم صدق إخوة يوسف عليه السلام في الأقوال والأفعال إذ كذبوا قولا أنه أكله الذئب وكذبوا فعلا بالدم الكاذب فجمعوا بين كذب القول وكذب الفعل، فكان بكاؤهم فعل كاذب، قصدوا به التعبير لأبيهم عن حزنهم على يوسف الذي أكله الذئب بزعمهم، وهم الجانون عليه إذ ألقوه في الجب وقصتهم التي أخبروا عنها قصة مفتراة من عند أنفسهم، والذئب بريء من دم أخيهم، فأقوالهم فيها أقوال كاذبة، وتلطيخهم قميص يوسف بدم شاة ذبحوها ليوهموا به صحة ما زعموه من أكل الذئب له فعل كاذب والدم ليس دم يوسف بل هو دم كذب، وهكذا لفقوا عدة أكاذيب قولية وفعلية ليستروا بها ما جنوه على أخيهم.

ويقول الله عز وجل فى سورة الفرقان ” الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم أولئك شر مكانا وأضل سبيلا ” ويقول الله عز وجل فى سورة الملك ” أفمن يمشى مكبا على وجهه أهدى أمن يمشى سويا على صراط مستقيم” وقد تعجب بعض الصحابة من هذا، فقال قائلهم يا نبي الله كيف يحشر الكافر على وجهه؟ قال أليس الذي أمشاه على الرجلين في الدنيا قادرا على أن يمشيه على وجهه يوم القيامة، ويكون ذلك الحشر بالصورة المنكرة من العمى، والصمم، والبكم، فيقول تعالى فى سورة الإسراء ” ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما مأواهم جهنم كلما خبت زدناهم سعيرا ” فيُسعر عليهم العذاب ويزاد، وسيق المجرمون وهم عراة إلى ذات المقامع والنكال، فنادوا ويلنا ويلا طويلا وعجوا في سلاسلها الطوال.

فليسوا ميتين فيستريحوا وكلهم بحر النار صال، وهناك أناس يجمعهم الله تعالى في وفد مكرمين إلى الجنة تكون معهم الملائكة، فيقول تعالى ” وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا” فهم مكرمون بهذا الوفد، وهذا السوق، فقال تعالى ” ولمن خاف مقام ربه جنتان” وهذا لا يكون إلا لمن نهى نفسه عن الهوى، وألزمها طاعة الله.

 

الدكروري يكتب عن الذين يحشرون على وجوههم

تنبيه هام، المنشور يعبر عن رأي الكاتب ويتحمل مسؤوليته، دون ادنى مسؤولية علي الجريدة

تنبيه

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

معلومة تهمك

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

%d مدونون معجبون بهذه: